الطائفة الأخرى: مسلمة للرواة فيها -قالوا: لا نستطيع أن نقول: إن هذا الحديث ضعيف أو مكذوب أو مردود، فنسلم للرواة فيها- ذاهبة في تحقيق الظاهر منها مذهباً يكاد يفضي إلى القول بالتشبيه.
يعني: الأولون كأنهم أرادوا أن يثبتوا تنزيه المولى عز وجل عن مشابهته للمخلوقين، فقالوا: لا يوجد شيء اسمه الصفات أبداً، لا يوجد شيء اسمه يد ولا رجل ولا ساق ولا شيء أبداً؛ لأننا ننزه المولى عز وجل من أن يكون مثل المخلوقين، وهذا الفريق ذهب مذهباً مناقضاً، وهو إثبات هذه الصفات لله عز وجل، ولكنهم قالوا: يد كأيدينا ورجل كأرجلنا، ونفس كأنفسنا، فشبهوا الخالق بالمخلوق.
يعني: قوم أرادوا أن ينزهوا فوقعوا في التعطيل، وقوم أرادوا أن يثبتوا فوقعوا في التمثيل والتشبيه، أما أهل السنة فوسط بين الاثنين، قالوا: نحن ننزه المولى عز وجل على مذهب الفريق الأول ولكننا نخالفهم في إثبات الصفات، ونوافق الفريق الثاني في إثبات الصفات ولكن دون تمثيل أو تشبيه.