سمعت أن من مات ولم يوص لم يكلمه الله يوم القيامة، وقد كتبت وصيتي، ولكني لا أعلم ماذا أكتب فيها غير بعض الأشياء منها، وذلك تقريباً لعامل السن، فأنا لم أبلغ العشرين بعد وأشعر بقلق من هذا الأمر، فبماذا تنصحني؟
الجواب
مادام أن الوصية الشرعية معك فلا بأس، وهي تكفيك إن شاء الله.
ولا حرج عليك إذا لم توص خاصة إذا لم يكن عندك شيء توصي به، ويمكن أن توصي بالمسائل الشرعية، ونبذ البدع، واتباع السنن، وحث القوم على سلوك مذهب السلف من الاعتقاد الصحيح وغير ذلك، ووصية الإنسان لا بد أن تكون معلومة من حياته، فلو علم عن شخص أنه صاحب مذهب فاسد، وأنه يتحين فرصة أن يموت أحد الجيران أو أحد الأقارب ثم يلطم الخدود ويشق الجيوب ويدعو بدعوى الجاهلية -وهذا الفعل كان يفعله النساء في الجاهلية، ولكن في هذا الوقت أصبح من أعمال الرجال، فجاهلية الماضي أفضل من جاهلية المسلمين في هذه الأيام، فإذا مات شخص من الأسرة فإنه يلطم ويشق الجيوب، فإذا لبس جلابية قطعها، ثم يقطع الثوب الأول والثاني والثالث وهكذا، ثم يجعل ذلك باباً للولاء والبراء- فإذا مات ولم يوص ففي هذه الحالة سنقول: إنه كان يلزمه أن يوصي وصية شريعة يبرأ بها إلى الله عز وجل.
وقد دعيت مرة لألقن امرأة كانت في الاحتضار أو شيء من هذا، فذهبت مسرعاً، فقالت لي: يا شيخ حسن! هل تعرف خالتي أم زينب؟ قلت: لا والله أنا لا أعرفها.
فأوصتني أن هذه هي التي تنوح عليها أول الأمر.
فقلت لها: هذا حرام وأنتِ آثمة بهذا.
فهل تريدين أن تدخلي النار؟ قالت: ولماذا أدخل النار؟ فأنا صوت على الناس حتى أصيبت حنجرتي بالمرض شهراً.
قلت: إذاً يلزمك أن تتوبي من هذا قبل أن تموتي، فقالت: خلاص يا شيخ حسن! أنا وضعت وصيتي في رقبتك، وأنت مسئول على كل شيء، ولو حاسبني ربي عن شيء سأسألك أنت يوم القيامة، قلت لها: إذاً توكلي على الله، ثم التفت فإذا بها قد ماتت.
فجاء أهلها يريدون أن يقدموا الواجب الذي عليهم، فقلت لهم: هذه قد أوصت بكيت وكيت وكيت، وإذا لم تنفذوا وصيتها فسنأتي بشبابنا وننفذ وصيتها بالإكراه، وذهبنا ودفناها ورجعنا، فكتب الله تبارك وتعالى لهذه المرأة أن توصي وصية شرعية في آخر لحظة من لحظات حياتها.
فالمرء بلا شك يلزمه أن يوصي، ولكن لزوماً لا يبلغ به الإثم إذا لم يكن له ما يوص فيه، فالأمر على الاستحباب المؤكد جداً، وبعض أهل العلم ذهب إلى وجوب الوصية، ورتب الإثم على من تركها.