مسألة: السلام على الموتى: هل يسمعونه أو لا يسمعونه؟ الراجح: أنهم لا يسمعونه، والدليل على ذلك: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون خلف النبي عليه الصلاة والسلام، والمعلوم أن المصلي يقول في تشهده أو في صلاته: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، وكانوا يقولون: السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله، كان يقول هذا القريب منه عليه الصلاة والسلام والبعيد عنه عليه الصلاة والسلام، فهل كان النبي عليه الصلاة والسلام يسمع كلام من يسلم عليه ويصلي عليه في صلاته وهو خلفه أو وهو بعيد عنه، هل كان يسمعه؟ إنما هذا عبادة مجردة.
النبي عليه الصلاة والسلام كان يزور المقابر فيسلم عليهم ويأمر بذلك، لكن لم يثبت لنا في الشرع أن الموتى إذا سلمنا عليهم سمعوا كلامنا وردوا عليهم، ولو كان الرد واجباً عليهم لكان من رحمة الله عز وجل أن نسمع ردودهم على سلامنا، فلما لم نكن نسمع دل هذا كذلك على أنهم لا يسمعون كلامنا، ولو سمعوا ما استجابوا لنا؛ لأن ذلك في غير مقدورهم وغير ذلك من الأدلة.
وثبت في الصحيح:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت في الحج) ركز على كلمة (يزور)، وأنه كان -وهو في المدينة- يزور قباء راكباً وماشياً، ومن المعلوم تسمية طواف الإفاضة بطواف الزيارة، فهل من أحد يقول: بأن البيت وقباء يشعر كل منهما بزيارة الزائر أو أنه يعلم بزيارته، فهذه زيارة كذلك، وهذه حجة عقلية للرد على من يزعم أن زائر القبور إذا سلم عليهم سمعوا سلامه وردوه، وليس بذلك، بل لا يسمعه ولا يدركه ولا يستمع له؛ لأنه في عالم الموتى.
ولذلك الحجة العقلية: أن اللازم من الزيارة: السلام، لكن لا يلزم من إلقاء السلام سماعه والرد عليه؛ بدليل أن زيارة البيت تسمى زيارة، وزيارة قباء تسمى زيارة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:(من زار مسجد قباء وصلى فيه ركعتين كان كمن اعتمر).
يعني: صلاة ركعتين في مسجد قباء كعمرة، وهذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، فهل من زار مسجد قباء وصلى ركعتين فيه يشعر به المسجد؟ وكذلك زيارة البقيع، فهل يشعر أهل البقيع بزائريهم؟
الجواب
أنهم لا يشعرون ولا يسمعون السلام فضلاً عن أن يردوا عليه.