وقال في ترجمة عبد الله بن المبارك:[قال ابن المبارك: سمعت الناس منذ تسعة وأربعين عاماً يقولون: من قال: القرآن مخلوق فامرأته طالق طالق طالق، البتة.
قلت: ولم ذاك؟ قال: لأن امرأته مسلمة، والمسلمة لا تكون تحت كافر].
أرأيت؟ ليس هناك محاباة في دين الله عز وجل.
قلت أنا: فقد لقي عبد الله بن المبارك جماعة من التابعين مثل سليمان التيمي وحميد الطويل وغيرهم وليس في الإسلام في وقته أكثر رحلة منه ولا أكثر طلباً للعلم وأجمعهم له وأجودهم معرفة به، وأحسنهم سيرة وأرضاهم طريقة مثل ابن المبارك، ولعله يروي عن ألف شيخ من التابعين، فأي إجماع أقوى من هذا، وابن المبارك يقول: هذا ما أدركت الناس عليه.
فهل يتصور يا إخواني! أن هذا حق خفي على النبي وأصحابه والتابعين والقرون الخيرية وبان لهؤلاء الفلاسفة؟
الجواب
حتى لو لجأنا إلى المنطق العقلي لا يتصور أبداً أن أمراً يخفى على النبوة وعلى الصدر الأول للرسالة، ولا يظهر إلا لمن بعدهم، لكرامة هؤلاء على الله عز وجل أبداً؟ لأنه ليس أحد أكرم على الله من أنبيائه ورسله وأصحاب أنبيائه في المرتبة الثانية، فإن الله ما كان ليخفي شيئاً عنهم جميعاً ثم يظهره للمعتزلة أو للأشعرية، أو للماتريدية، أو للخوارج، أو للشيعة! إن الذي يقول بهذا لابد أن يكون قد فقد عقله.