لكع) مرة ثانية تأكيد للأولى (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (أثم لكع)(حسنًا) بن علي رضي الله عنهما، والعناية وما بعدها من كلام أبي هريرة (فظننا) أي ظننت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم (أنه) أي أن الشأن والحال (إنما تحبسه) وتؤخره عن الخروج إلينا (أمه) فاطمة رضي الله تعالى عنها (لـ) أجل (أن تغسله) وتنظفه بغسل جسده (و) لأجل أن (تلبسه سخابًا) أي خرزًا، والسخاب بكسر السين وبالصاد أيضًا خيط ينظم فيه خرز ويجعل في عنق الصبيان ويُسمى سخابًا لصوت خرزه عند حركتها واحتكاك بعضها بعضًا من السخب وهو اختلاط الأصوات وارتفاعها ولهذا يُلبس للصغار ليشغلهم صوته وللعب به، وقيل: السخاب من القلائد ما اتخذ من القرنفل والمسك والعود، وشبهه دون الجواهر من الذهب والفضة وغيرهما، وقال النووي: والسخاب بكسر السين المهملة والخاء المعجمة جمعه سخب وهو قلادة من القرنفل والمسك والعود ونحوها من أخلاط الطيب يعمل على هيئة المسبحة ويجعل قلادة للصبيان والجواري اهـ منه. وفيه من الفقه استحباب المحافظة على النظافة وعلى تحسين الصغار وتزيينهم وخصوصًا عند لقاء من يعظم ويُحترم (فـ) بعدما غسلته وألبسته السخاب (لم يلبث) الحسن ولم يتأخر من (أن جاء) إلينا حالة كونه (يسعى) ويجري ويعدو إلينا (حتى اعتنق كل واحد منهما) أي حتى يضع كل واحد من النبي صلى الله عليه وسلم والحسن عنقه على عنق (صاحبه) قال القرطبي: وفي هذا ما يدل على تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بالصغار وإكرامه ومحبته للحسن ولا خلاف فيما أحبه في جواز معانقة الصغار كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما الخلاف في معانقة الكبير في حالة السلام وكرهه مالك وأجازه سفيان بن عيينة وغيره، واحتج سفيان على مالك في ذلك بمعانقة النبي صلى الله عليه وسلم جعفرًا لما قدم عليه، فقال مالك: ذلك مخصوص بجعفر، وقال سفيان: ما يخص جعفرًا بل يعمنا، فسكت مالك، ويدل سكوت مالك على أنه ظهر له ما قاله سفيان من جواز ذلك، قال القاضي عياض: وهو الحق حتى يدل دليل على تخصيص جعفر بذلك.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحبه فأحبه وأحبب من يحبه) قال