الله تعالى وبآياته طلبًا للشفاء من الأمراض أي لا يُعالجون أنفسهم بالكي ولا الرُقية توكلًا على ربهم في حصول الشفاء لهم من الأمراض، والأصح أن الحديث محمول على ظاهره كما ذكره الخطابي وأن هؤلاء اختصوا بغاية التوكل والرضا بشفاء الله تعالى وهو أرفع درجات المؤمنين وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك إنما هو للاقتداء وتوسعة على ضعفة المؤمنين، قال القاضي عياض: وهذا هو الصواب وليس في الحديث ما يُحوج إلى التأويل لأنه لم يَذُمَّ من قال بالكي والرقى وإنما فيه أنه أخبر عن كرامة السبعين ألفًا وفسّرهم بما ذكر، اهـ من السنوسي (وعلى ربهم) لا على الكي ولا الرقى وسائر الأسباب (يتوكلون) أي يعتمدون في حصول الشفاء (فقام عكاشة) بن محصن (فقال: ادع الله أن يجعلني منهم) أي من أولئك السبعين ألفًا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنت) يا عكاشة (منهم) أي من أولئك السبعين (قال) عمران بن حصين (فقام رجل) آخر (فقال) ذلك الآخر (يا نبي الله ادع الله أن يجعلني منهم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (سبقك) أيها الرجل (بها) أي بهذه الدعوة (عكاشة) بن محصن سدًّا لباب السؤال لئلا يتسلسل عليه.
وهذا الحديث أعني حديث عمران بن حصين شارك المؤلف في روايته أحمد [١/ ٢٧١] والبخاري [٦٥٤١] والترمذي [٢٤٤٨١].
[(تتمة في مباحث تتعلق بهذا الحديث)]
البحث الأول في الكي: أما هو فالمأمون منه جائز وقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم أُبيًّا يوم الأحزاب على أكحله لما رُمي، وفي البخاري: عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الشفاء في ثلاث في شرطة معجم أو شَربة عسل أو كية بنار وأنهى أمتي عن الكي"، رواه البخاري وابن ماجه وفي حديث جابر "وما أحب أن أكتوي" رواه البخاري ومسلم، وعلى هذا فالمأمون من الكي إن كان نافعًا جائز إلا أن تركه خير من فعله وهذا معنى نهيه صلى الله عليه وسلم عنه وسببه أنه تعذيب بعذاب الله وقد قال صلى الله عليه وسلم "لا تعذبوا بعذاب الله" يعني النار وبهذا ينفرد الكي ولا