للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٤ - (٣) - بَابُ: بَيَانِ الْكَبَائِرِ وَأَكْبَرِهَا

ــ

٤٤ - (٣) (بَابُ: بَيَانِ الْكَبَائِرِ وَأَكْبَرِهَا)

أي هذا باب معقود في بيان بعض الكبائر وهي ضد الصغائر، وبيان أكبرها أي أشدها عقوبة وذكر هذا الباب وما بعده من الأبواب المتعلقة بالمعاصي في كتاب الإيمان استطرادي، والنسبة بينهما نسبة التضاد كما مر في الباب قبل هذا، واعلم أن الذنوب تنقسم إلى قسمين: كبائر وصغائر، فالكبائر: جمع كبيرة، قال ابن الصلاح: الكبيرة ما عظم من الذنوب بحيث يصح أن يقال عليه كبير عظيم، ولذلك أمارات ترتيب الحد والتوعد بالنار والاقتران بلعنة أو غضب أو بتسمية فاعلها فاسقًا وما عدا ذلك فهو صغيرة، قال عز الدين: ويعرف الفرق بينهما بأن تعرض مفسدة الذنب فإن نقصت عن مفسدة أقل الكبائر المنصوص عليها فهي صغيرة وإن ساوتها أو كانت أعظم فهي كبيرة فالشرك كبيرة بالنص، وتلطيخ الكعبة بالقذر وإلقاء المصحف فيه مساو لذلك، والزنا والقتل كبيرتان أَيضًا بالنص وحبس امرأة لمن يزني بها أو يقتلها لم ينص عليه ولكنه أعظم مفسدة من أكل مال اليتيم المنصوص عليه، والفرار يوم الزحف كبيرة بالنص، والدلالة للكفار على عورات المسلمين، مع العلم بأنهم يسبون أموالهم، لم ينص عليه، ولكنه أعظم من الفرار، وكذلك لو كذب على مسلم كذبة يعلم أنَّه يقتل بها بخلاف كذبة يؤخذ بها منه ثمرة فهذه صغيرة اهـ. قال القاضي عياض: وألحق العلماء بالكبائر الإصرار على الصغائر، فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار" يعني أن الكبيرة يمحوها الاستغفار، والصغيرة كبيرة مع الإصرار، قال النواوي: واختلف في حد الإصرار، فقال عز الدين: هو تكرار الصغيرة تكرارًا يشعر بقلة المبالاة إشعار الكبيرة بذلك، أو فعل صغائر من أنواع مختلفة بحيث يشعر ذلك.

قال النواوي: (واعلم) أنَّه لا شك في كون المخالفة قبيحة جدًّا بالنسبة إلى جلال الله تعالى ولكن بعضها أعظم من بعض وتنقسم باعتبار ذلك إلى ما تكفره الصلوات الخمس أو صوم رمضان أو الحج أو العمرة أو الوضوء أو صوم عرفة أو صوم عاشوراء أو فعل الحسنة أو غير ذلك مما جاءت به الأحاديث الصحيحة وإلى ما لا يكفره ذلك كما ثبت في الحديث الصحيح "ما لم يغش كبيرة" فسمى الشرع ما تكفره الصلاة ونحوها صغائر، وما لا تكفره كبائر، ولا شك في حسن هذا, ولا يخرجها هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>