للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[فضائل أبي جابر]

ــ

[فضائل أبي جابر]

وأما أبو جابر فهو عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة -بفتح السين وكسر اللام- الأنصاري الخزرجي السلمي رضي الله عنه وهو أحد النقباء شهد العقبة وبدرا وقُتل يوم أحد ومُثّل به، وروى بقي بن مخلد عن جابر رضي الله عنه قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا جابر مالي أراك منكسًا مهتمًا؟ " قلت: يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالًا وعليه دين، قال: "أفلا أبشرك بما لقي الله عزَّ وجلَّ به أباك" قلت: بلى يا رسول الله، قال: "إن الله عزَّ وجلَّ أحيا أباك وكلمه كفاحًا وما كلم أحدًا قط إلا من وراء حجاب، فقال له: يا عبدي تمنّ أعطك، قال: يا رب تردني إلى الدنيا فأُقتل فيه ثانية فأُبلِّغ من ورائي" رواه الترمذي [٣٥١٠]، وابن ماجه [٢٨٠٠] فأنزل الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران / ١٦٩].

"قلت": وقد تضمن هذا الحديث فضيلة عظيمة لعبد الله بن عمرو بن حرام لم يُسمع بمثلها لغيره وهي أن الله تعالى كلمه مثافهة بغير حجاب حجبه به ولا واسطة قبل يوم القيامة ولم يفعل الله ذلك مع غيره في هذه الدار كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} [الثوري / ٥١] وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وما كلم الله أحدًا قط إلا من وراء حجاب، وظاهر هذه الآية وهذا الحديث أن الله تعالى لم يفعل هذا في هذه الدار لحي ولا لميت إلا لعبد الله بن حرام هذا خاصة فيلزم على هذا العموم أنه قد خص من ذلك بما لم يخص به أحد من الأنبياء وهذا مشكل بالمعلوم من ضرورة الشرع ومن إجماع المسلمين على أن درجة الأنبياء وفضيلتهم أعظم من درجة الشهداء والأولياء كما تقدم فوجه التلفيق أن قوله صلى الله عليه وسلم: "وما كلم الله أحدًا إلا من وراء حجاب" إنما يعني به والله أعلم أنه ما كلم أحدًا من الشهداء وممن يلبس بنبي بعد موته وقبل يوم القيامة إلا عبد الله هذا ولم يرد به الأنبياء ولا أراد بعد يوم القيامة لما قد علم أيضًا من الكتاب والسنة وإجماع أهل السنة من أن المؤمنين يرون الله تعالى في الجنة ويكلمهم الله بغير حجاب ولا واسطة، وأما الآية فإنما مقصودها حصر أنواع الوحي الواصل إلى الأنبياء

<<  <  ج: ص:  >  >>