عليه وسلم لأزواجه:"أسرعكن لحوقًا بي أطولكن يدًا" قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة قصيرة ولم تكن أطولنا فعرفنا حينئذٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بطول اليد الصدقة، قال: وكانت زينب امرأة صناعة اليد فكانت تدبغ وتخرز وتصدّق في سبيل الله عزَّ وجلَّ. وذكر الحاكم أن هذا الحديث صحيح على شرط مسلم وأقره عليه الذهبي.
قال القرطبي: وقوله صلى الله عليه وسلم: (أسرعكن لحاقًا بي أطولكن يدًا) هذا خطاب منه لزوجاته خاصة. ألا ترى أنه قال لفاطمة رضي الله تعالى عنه:"أنت أول أهل بيتي لحوقًا بي" وكانت زينب أول أزواجه وفاة بعده وفاطمة أول أهل بيته وفاة ولم يرد باللحاق به الموت فقط بل الموت والكون معه في الجنة والكرامة، وتطاول أزواجه بأيديهن مقايسة أيديهن بعضها ببعض لأنهن حملن الطول على أصله وحقيقته ولم يكن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وإنما كان مقصوده طول اليد بإعطاء الصدقات وفعل المعروف وبين ذلك أنه لما كانت زينب أكثر أزواجه فعلًا بالمعروف والصدقات كانت أولهن موتًا فظهر صدقه وصح قوله صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٦/ ١٢١]، والبخاري في الزكاة باب فضل صدقة الشحيح الصحيح [١٤٢٠]، والنسائي في الزكاة باب فضل الصدقة [٢٥٤١].
[أم أيمن]
وأما أم أيمن فهي مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وحاضنته كانت جارية لعبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم ثم كانت لآمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت أبيه وكانت من الحبشة فلما ولدت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما توفي أبوه كانت أم أيمن تحضنه حتى كبر ثم بعد موت آمنة صارت له بالميراث فلما تزوج خديجة زوَّجها زيدَ بن حارثة فولدت له أسامة وشهدت أم أيمن بدرًا وكانت تسقي العطشى وتداوي الجرحى، واسمها بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصين بن مالك بن