السابق (فأخبرني أيوب) السختياني كما أخبرني الزهري (أن عائشة قالت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين خيرها فاختارته (لا تخبر نساءك أني اخترتك) فيخترنك مثلي (فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم إن الله أرسلني مُبلغًا) للشريعة يعني بما سمعت (ولم يرسلني متعنتًا) أي طالبًا زلتهم يعني لكتمان ما سمعت، وأصل العنت المشقة كما سبق (قال قتادة) بن دعامة في تفسير قوله تعالى: (صغت قلوبكما) أي (مالت قلوبكما) عن العدل بسبب الغيرة، والخطاب لعائشة وحفصة والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٥١٩١]، والترمذي [٣٣١٥]، والنسائي [٤/ ١٣٧].
[فائدتان]
الأولى: قال الحافظ في الفتح: ثم في حديث عمر إشكال قوي وهو أنه قد مر في بعض رواياته (نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ونزلت فنزلت أتشَبَّثُ بالجذع ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده فقلت: يا رسول الله إنما كنت في الغرفة تسعًا وعشرين) ظاهره يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عقب ما خاطبه عمر فيلزم منه أن يكون عمر تأخر كلامه معه تسعًا وعشرين يومًا، وسياق أول الحديث يدل على أنه تكلم معه في نفس اليوم الذي أُخبر فيه باعتزال النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه وكيف يمهل عمر تسعًا وعشرين يومًا لا يتكلم في ذلك وهو مصرح بأنه لم يصبر ساعة في المسجد حتى قام ورجع إلى الغرفة واستأذن، وكذلك يستبعد جدًّا أن لا يطلع عمر على اعتزاله صلى الله عليه وسلم تسعة وعشرين يومًا ثم يطلع عليه في آخر يوم، وأجاب عنه الحافظ بأن قوله فنزل أي بعد أن مضت المدة ويستفاد منه أنه كان يتردد إلى النبي صلى الله عليه وسلم في تلك المدة التي حلف عليها فاتفق أنه كان عنده صلى الله عليه وسلم عند إرادته النزول فنزل معه ثم خشي أن يكون نسي فذكَّره كما ذكَّرته عائشة كذا في فتح الباري [٩/ ٢٤٩ و ٢٥٠].
وقيل هنا احتمال آخر وهو أن يكون عمر مطلعًا على اعتزاله صلى الله عليه وسلم