للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣١ - بَابُ بَيَانِ نُقْصَانِ الإِيمَان بِارْتْكَابِ الْمَعَاصِي، وَنَفْيِهِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا حَال تَلَبُّسِهِ بِهَا عَلَى مَعْنَي نَفْيِ كَمَالِهِ

ــ

٣١ - بَابُ بَيَانِ نُقْصَانِ الإِيمَان بِارْتْكَابِ الْمَعَاصِي، وَنَفْيِهِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا حَال تَلَبُّسِهِ بِهَا عَلَى مَعْنَي نَفْيِ كَمَالِهِ

أي هذا باب معقود في ذكر أن الإيمان ينقص بفعل المعاصي كما أنه يزيد بفعل الطاعات، وأن كمال الإيمان ينتفي عنه حال تلبسه بها بمعنى أن إيمانه ناقص غير كامل، وترجم القاضي والنواوي وأكثر المتون للأحاديث الآتية بترجمة قريبة من ترجمتنا وهي قولهم (باب نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله).

وترجم لها الأبي بقوله (باب أحاديث قوله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني وهو مؤمن) وترجم لها السنوسي بقوله (باب لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن إلى آخره) وترجم لها القرطبي بقوله (باب لا يزني الزاني حين يزني وهو كامل الإيمان) وهذه التراجم كلها وكذا ترجمتنا ألفاظها متقاربة ومعانيها متحدة والله أعلم.

قال القرطبي: هذه الترجمة مُشعرة بأن هذه الأحاديث المذكورة تحتها ليست على ظواهرها بل متأولة، وهي تحتمل وجوهأ من التأويلات: أحدها ما ذُكِر في الترجمة وستأتي بقيتها إن شاء الله تعالى قريبًا، قال (م) واحتج الخوارج بحديث الباب على التكفير بالذنوب، والمعتزلة على أن الفاسق لا يسمى مؤمنًا، قال (ع) ونرد على الجميع بحديث أبي ذر رضي الله عنه الآتي: "وإن زنى وإن سرق" لأنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وحديث الباب عندنا مؤول فيُحمل على أنه لنفي الكمال أي لا يزني وهو كامل الإيمان، من باب نفي الشيء بنفي صفته نحو قولهم (لا علم إلا ما نفع ولا مال إلا الإبل) أو يحمل على المُستحل للمعاصي المذكورة، وقيل معناه وهو آمنٌ من عقوبة الله تعالى، وتأوله الحسن والطبري على أنه لنفي اسم المدح، أي وهو يقال له مؤمن بل يقال له زانٍ أو شاربٌ أو سارقٌ، وتأوله المهلب على أنه لنفي البصيرة أي وهو ذو بصيرة، وحمله ابن عباس على أنه لنفي النور، أي وهو ذو نور، وذكر في ذلك حديثًا: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من زنى نزع الله نور الإيمان من قلبه فإن شاء رده إليه" أخرجه الطبري من طريق مجاهد عن ابن عباس، وقيل إنه نهيٌ لا خبر وهو بعيد

<<  <  ج: ص:  >  >>