وقال العلّامة ظفر أحمد العثماني التهانوي -رحمه الله- في "قواعد في علوم الحديث" (ص ٤٦٧ - ٤٦٨): (قلتُ: أمّا إِخراجُ مسلمٍ والبُخاريِّ عن بعض الضعفاء .. فلا يقدحُ في صحَّة كتابيهما، فإنَّ مدارَها على صحة الأحاديث المخرجة فيهما، لا على كون الرواة كلها رواة الصحيح، فإنهما لا يُخرجان للضعفاء إِلا ما تُوبِعُوا عليه، دون ما تفرَّدوا به، على أَن الضعفَ والثقةَ مرجعهما الاجتهاد والظنّ، فيُمكن أن يكون هؤلاء عندهما ثقاتٍ خلافًا للجمهور، اللهمَّ إِلّا أنْ يكونا قد صَرَّحَا بكونهم ضعفاء، فلا بُدَّ من القول بأنهما أخرجا أحاديثهم اعتضادًا ومتابعةً، ولا شكَّ أَن الصحيحَ يزدادُ قوةَ على قوة بكثرة الطُّرُق. وأمّا ما أخرجه مسلمٌ ممَّا تفرَّد به الضعفاءُ، وصحتهُ بعيدةٌ -كما ذكره القرشي- فلا شَكَّ في ضَعْفِهِ، ولكنْ لِكُلِّ سيف نَبْوة، ولكُلِّ جوادٍ كَبْوة، وهذا لا يقدحُ في صحة الكتاب من حيث المجموعُ والإجمال، ولا يقدح في مزيته على غير البخاري كذلك؛ فإن القليل النادر لا يُلْتَفَتُ إِليه، فالحقُّ أَن أصحيَّة الكتابين من غيرهما إِنما هي من حيث المجموع والإِجمال، لا من حيث التفصيل حديثًا حديثًا، فافهم ولا تكن من المتكلّفين). (١) انظر "الإِمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح" (٢/ ٦٣٢ - ٦٤٦)؛ ففيه سردٌ لهذه الشروح مع بيان المطبوع منها.