(١) باب وجوب الرواية عن الثقات المُتْقِنين وتَرْك الضعفاء المتروكين
واعْلَمْ: أَنَّ المؤلِّفَ رحمه الله تعالى لم يذكر التراجِمَ من الكُتُبِ والأبوابِ في "جامعه"؛ وفاءَ بما التزمه للسائل من جَمْعِ الأحاديث المرفوعة وتلخيصِها في كتابٍ مُؤَلَّفٍ من غير مَزْج غيرِها فيها، أو فرارًا من إِطالة المؤلَّف بمَزْجِ التراجم فيه لتقاصُر الهِمَم عن أَخْذِ المُطَوَّلات، وإِنما وَضَعَهَا بعضُ رواتِه، وزاد فيها بعضُ الشُّرَّاح له، ومع ذلك كثيرٌ من الأحاديث لا يطابق التراجمَ السابقةَ ولا اللاحقةَ، فلابدَّ من وَضْع التراجِم لها بحسب ما يُستنبط منها من الأحكام، ولو كان وَضْعُ التراجِم من المؤلِّف .. لم تختلف باختلاف النُّسَخ واختلاف الشُّرَّاح، كما لا تختلف تراجمُ البخاري وتراجمُ أصحاب السُّنَن بذلك.
وقد يوجد تصحيفٌ من النُّسَّاخ في بعض المواضع من المتابعات، بجَمْعِ ضمير المتابع بصيغة اسم المفعول، أو تثنيتِه أو إِفرادِه على خلاف ما هو الصواب، كما يوجد ذكرها على الصواب في النسخ المخطوطة أو القديمة التي جُلّدت في مجلّدٍ واحد، ومع ذلك لم يُنبِّه عليها الشُّرَّاح في الشُّروح التي في أيدينا وسَنُبَيِّنُها إِنْ شاء الله في مواضعها، على ما هو الصواب، مع بيان الغوامض التي لم يُنَبِّه عليها أكثرُ الشُّرَّاح.
و(البابُ) لغةً: فرجةٌ يُتَوَصَّلُ بها من خارجٍ إِلى داخل، ومن داخلٍ إِلى خارجٍ كباب الدار.
واصطلاحًا: ألفاظٌ مخصوصةٌ دالَّةٌ على معانٍ مخصوصةٍ لها بدايةٌ ونهاية.
وأولُ مَنْ وَضَعَ البابَ: أبو الأسودِ الدُّؤَلِيُّ رحمه الله تعالى، حين أملى عليه عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه أحكامَ النَّحو، ثم قال له: انح نَحْوَ هذا، وتتَبَّعْ وزِدْ عليه ما بَدَا لك، ثم سَمِعَ أبو الأسود رجلًا يقرأُ قوله تعالى:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} بجرّ (رسوله) فوضع باب العطف والنعت.