للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَغَيرِهِمْ مِنَ الأَئِمَّةِ .. لَمَا سَهُلَ عَلَينَا الانْتِصَابُ لِمَا سَأَلْتَ مِنَ التَّمْيِيزِ وَالتَّحْصِيلِ، وَلكِنْ مِنْ أَجْلِ مَا أَعْلَمْنَاكَ مِنْ نَشْرِ الْقَوْمِ الأَخْبَارَ الْمُنْكَرَةَ بِالأَسَانِيدِ الضِّعَافِ الْمَجْهُولَةِ وَقَذْفِهِمْ بِهَا إِلَى الْعَوَامِّ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ عُيُوبَهَا .. خَفَّ عَلَى قُلُوبِنَا إِجَابَتُكَ إِلَى مَا سَأَلْتَ

ــ

(وغيرِهم) أي: وغيرِ هؤلاء المذكورين (من الأئمَّةِ) الحُفَّاظ كسُفْيانَ الثَّوْري وعبدِ الرحمن الأوزاعي، وابنِ المبارك.

وقولُه: ( .. لَمَا سَهُلَ علينا) جوابُ لولا، واللامُ فيه رابطةٌ له جوازًا لِكَوْنِهِ مَنْفِيًّا بما، والمعنى: فلولا الأمرُ الذي رأيناه موجودٌ .. لم يَسْهُلْ علينا ولم يَتَيَسَّرْ لنا (الانتصابُ) أي: الظهورُ والاجتهادُ والتهيُّؤُ (لِما سَأَلْتَـ) ـنِيه وطَلَبْتَه منّي أيُّها السائلُ.

وقولُه: (من التمييزِ) بيانٌ (لِمَا) الموصولةِ؛ أي: حالة كون ما سأَلتَنِيهِ من التمييز والتفصيل بين صحيحِ الأحاديث وسقيمِها، (و) من (التحصيلِ) أي: التلخيصِ لصحيحها عن سقيمها وجَمْعِه في كتابِ مُؤَلَّفٍ.

و(لكنْ) في قوله: (ولكنْ مِنْ أَجْلِ ما أَعْلَمْناكَ) استدراكيةٌ استدرك بها على جواب لولا، أعْنِي قولَه: (لَمَا سَهُلَ علينا).

والجارُّ والمجرورُ متعلِّقٌ بقوله الآتي: (خَفَّ على قلوبنا إِجَابَتُكَ)، يُقال: أعلمه الأمر وعلمه إِذا أطلعه عليه؛ أي: ولكنْ لأجل ما أطلعناك عليه بقولنا سابقًا: (أَنَّ كثيرًا ممَّا يَقْذِفُون به إِلى الأغبياء من الناس هو مُسْتَنْكَرٌ ومنقولٌ عن قومٍ غيرِ مَرْضِيِّين)، حالةَ كون ما أعلمناكَه (مِنْ نَشْر القوم) الكذَّابين وإِفشائِهم (الأخبارَ المُنْكَرَةَ) والأحاديثَ المُعَلَّلَةَ وهو منصوبٌ بالنَّشْر؛ لأنه مصدرٌ مضافٌ إِلى فاعلِه، وبه يتعلَّقُ قولُه: (بالأسانيدِ الضِّعافِ) بالوهم والكذب (المجهولةِ) العدالةِ ظاهرًا وباطنًا.

وقولُه: (وقَذْفِهِمْ) معطوفٌ على النَّشْر؛ أي: ومِنْ قَذفِ أولئك القوم الكذَّابين وإِلقائِهم (بها) أي: بالأخبارِ المُنْكَرَةِ (إلى العَوَامِّ) والأغبياءِ (الذين لا يَعْرِفُونَ عُيُوبَها) أي: عُيُوبَ الأخبارِ وعِلَلَها ولا يُمَيِّزُون صحيحَها عن سقيمِها ( .. خَفَّ) وسَهُلَ ولم يَثْقُلْ (على قُلُوبِنا) وعقولِنا (إجابتُك) وطاعتُك (إلى ما سَأَلْتَـ) ـنِيه من التمييز والتحصيل، والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>