للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اقْتَطَعَ أَرْضًا ظَالِمًا، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيهِ غَضْبَانُ". قَال إِسْحَاقُ فِي رِوَايَتِهِ: رَبِيعَةُ بْنُ عَيدَانَ

ــ

صلى الله عليه وسلم (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) زجرًا له عن أخذ الأرض باليمين الفاجرة (من اقتطع) وأخذ (أرضًا) لغيره حالة كونه (ظالمًا) في أخذها كاذبًا في ادعائها (لقي الله) سبحانه وتعالى، أي مات يوم مات (وهو) سبحانه وتعالى (عليه) أي على ذلك المُقتطِع (غضبان) أي ساخط (قال إسحاق) بن إبراهيم (في روايته) وخصمه (ربيعة بن عيدان) بفتح العين المهملة وسكون الياء المثناة من تحت وهو الصواب.

وفي هامش بعض المتون قوله (ربيعة بن عيدان) ذكر مسلم أن زهيرًا وإسحاق اختلفا في ضبط هذا الاسم، فقال زهير: عبدان بالموحدة، وقال إسحاق: عيدان بالمثناة التحتانية، ثم إن النووي ذكر في عِبدان بالموحدة ضبطين، الأول: كسر العين مع إسكان الباء الموحدة، والثاني: كسر العين والباء مع تشديد الدال، ولم يذكر في عيدان بالمثناة إلا فتح العين وإسكان الياء المثناة، وعبارة الإصابة في باب الراء مع الياء ربيعة بن عيدان بفتح المهملة وسكون التحتانية على المشهور اهـ.

[فصل في الأحكام التي تستفاد من أحاديث الباب]

قال النواوي: قوله صلى الله عليه وسلم "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه" إلخ فيه لطيفة وهي: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "حق امرئ" يدخل فيه من حلف على غير مال كجلد الميتة، والسرجين وغير ذلك من النجاسات التي ينتفع بها، وكذا سائر الحقوق التي ليست بمال كحد القذف، ونصيب الزوجة في القسم وغير ذلك.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "فقد أوجب الله تعالى له النار وحرم عليه الجنة" ففيه الجوابان المتقدمان المتكرران في نظائره، أحدهما: أنه محمول على المستحل لذلك، إذا مات على ذلك فإنه يكفر ويخلد في النار، والثاني: معناه فقد استحق النار، ويجوز العفو عنه، وقد حرم عليه دخول الجنة أول وهلة مع الفائزين، وأما تقييده صلى الله عليه وسلم بالمسلم فليس يدل على عدم تحريم حق الذمي، بل معناه: أن هذا الوعيد الشديد وهو أن يلقى الله تعالى وهو عليه غضبان لمن اقتطع حق المسلم، وأما الذمي فاقتطاع حقه حرام، لكن ليس يلزم أن تكون فيه هذه العقوبة العظيمة، هذا كله على مذهب من يقول بالمفهوم، وأما من لا يقول به فلا يحتاج إلى تأويل، وقال القاضي

<<  <  ج: ص:  >  >>