عياض: تخصيص المسلم لكونهم المخاطبين، وعامة المتعاملين في الشريعة، لا أن غير المسلم بخلافه، بل حكمه حكمه في ذلك والله أعلم.
ثم إن هذه العقوبة لمن اقتطع حق المسلم ومات قبل التوبة، أما من تاب فندم على فعله ورد الحق إلى صاحبه وتحلل منه وعزم على أن لا يعود فقد سقط عنه الإثم، والله أعلم.
وفي هذا الحديث دلالة على مذهب مالك والشافعي وأحمد والجماهير: أن حكم الحاكم لا يبيح للإنسان ما لم يكن له خلافًا لأبي حنيفة، وفيه بيان غلظ تحريم حقوق المسلمين، وأنه لا فرق بين قليل الحق وكثيره لقوله صلى الله عليه وسلم "وإن قضيبًا من أراك".
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:"من حلف على يمين هوفيها فاجر ليقتطع" فالتقييد بكونه فاجرًا، لا بد منه، ومعناه هو آثم، ولا يكون آثمًا إلا إذا كان متعمدًا عالمًا بأنه غير محق.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:"لقي الله تعالى وهو عليه غضبان" وفي الرواية الأخرى: "وهو معرض"، فقال العلماء: الإعراض والغضب والتسخط من الله تعالى هو إرادته إبعاد ذلك المغضوب عليه من رحمته، وتعذيبه وإنكار فعله وذمه والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما حديث الحضرمي والكندي ففيه أنواع من العلوم منها: أن صاحب اليد أولى من أجنبي يدعي عليه، ومنها أن المُدعى عليه يلزمه اليمين إذا لم يقر، ومنها أن البينة تقدم على اليد، ويقضى لصاحبها بغير يمين، ومنها أن يمين الفاجر المدعى عليه تقبل كيمين العدل وتسقط عنه المطالبة بها، ومنها أن أحد الخصمين إذا قال لصاحبه إنه ظالم أو فاجر أو نحوه في حال الخصومة يحتمل ذلك منه إذا عرف صدقه في ذلك، بخلاف ما لو قاله على سبيل المشاتمة والأذى المجرد، فإنه يؤدب حينئذ لعموم تحريم السباب، ومنها أن الوارث إذا ادعى شيئًا لمورثه وعلم الحاكم أن مورثه مات ولا وارث له سوى هذا المدعي جاز له الحكم به، ولم يكلفه حال الدعوى ببيّنة على ذلك، وموضع الدلالة أنه قال: غلبني على أرض كانت لأبي، فقد أقر بأنها كانت لأبيه، فلولا علم النبي