الجنة وإن زنى وإن سرق" ومعلوم أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن فحديث الباب يقطع حجة المرجئة القائلين: إن المعاصي لا تضر المؤمن، وحديث أبي ذر يقطع حجة المعتزلة والخوارج وبعض الرافضة القائلين بأن المعاصي تُخرج من الإيمان وتوجب الخلود في النار، وأهل السنة والهدى جمعوا بين معانيها وقرروا الأحاديث على أصولها واستدلوا بحديث أبي ذر على منع التخليد بالمعاصي، وبهذا الحديث "لا يزني الزاني وهو مؤمن" على نقص الإيمان بالمعاصي كما وردت مفسرة في أحاديث كثيرة وآيٍ من القرآن منيرةٍ اهـ.
(ولا يسرق) من باب ضرب (السارق حين يسرق وهو مؤمن) أي كامل الإيمان بل إيمانه ناقص بذنب السرقة وقتئذ، والسرقة لغة: أخذ الشيء خفية مطلقًا، وشرعًا: أخذ ما يبْلُغ نصابًا مُحرزًا في حرز مثله خفية وهي من الكبائر ويكفر مستحلها (ولا يشرب) الشارب (الخمر) والمسكر (حين يشربها وهو مؤمن) أي كامل الإيمان بل ناقصه بسبب ذنب الشرب (قال ابن شهاب) بالسند السابق (فأخبرني) والفاء فيه عاطفة على محذوف تقديره أخبرني أبو سلمة وسعيد بن المسيب هؤلاء الثلاثة المذكورين فلم يزيدا عليهم، ولكن أخبرني (عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحارث بن هشام المخزومي المدني روى عن أبيه أبي بكر في الإيمان والصوم والنكاح وعن خارجة بن زيد في الوضوء ويروي عنه (ع) والزهري وابن جريج ومحمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم وعبد الله بن أبي بكر وعبد الرحمن بن حِمْيَر، وثقه النسائي وابن سعد وقال في التقريب: ثقة من الخامسة، مات في أول خلافة هشام، روى عنه المؤلف في أربعة أبواب الإيمان والوضوء والصوم والنكاح.
(أن) أباه (أبا بكر) بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومي القرشي المدني، كان أحد الفقهاء السبعة، قيل اسمه محمد وقيل اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن، والصحيح أن اسمه وكنيته واحد وُلد في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان يقال له راهب قريش لكثرة صلاته، وكان