الجوانب (حتى أضجعوه) أي أسقطوه على الأرض (فأتى العباس) بن عبد المطلب رضي الله عنه أي جاء العباس (فأكب) أي انكب وسقط (عليه) أي على أبي ذر خوفًا منهم على قتله (فقال) العباس لهم (ويلكم) يا معشر قريش أي ألزمكم الله الويل والهلاك (ألستم تعلمون أنه) أي أن هذا الرجل (من) بني (غفار) بن كنانة (وأن طريق) سفر (تجاركم) جمع تاجر كفجار جمع فاجر وهو من يقلب المال بعضه ببعض لغرض الربح (إلى الشام) يمر (عليهم) أي علي بني غفار وفي بلدانهم فكيف تؤذون من كان منهم فإنهم ينتقمون من تجاركم إذا مروا عليهم فانتبهوا لمصالحكم وقوله (فأنقذه) أي أنقذ العباس أبا ذر وأخرجه (منهم) أي من أيدي المشركين لئلا يهلكوه معطوف على قوله فأكب عليه (ثم عاد) ورجع أبو ذر (من الغد) من ذلك اليوم والغد اسم لليوم الذي بعد اليوم الذي كانت فيه متصلًا به أي رجع أبو ذر في الغد (بمثلها) أي إلى مثل تلك المقالة التي صرخ بها اليوم يعني مقالة الشهادتين (وثاروا) أي ثار المشركون واجتمعوا (إليه فضربوه) أيضًا (فأكب عليه العباس فأنقذه) منهم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٤/ ١١٤] والبخاري في مواضع منها في كتاب مناقب الأنصار باب إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه [٣٨٦١].
واقتصر البخاري في صحيحه على رواية ابن عباس هذه فلعله رجحها على رواية ابن الصامت.
وقد ظهر بين طريق ابن عباس وطريق ابن الصامت فيما روياه من حديث أبي ذر اختلاف يبعد الجمع بينهما فيه ففي حديث ابن الصامت أن أبا ذر لقي النبي صلَّى الله عليه وسلم أول ما لقيه ليلًا يطوف بالكعبة فأسلم إذ ذاك بعد أن أقام ثلاثين بين يوم وليلة ولا زاد له وإنما يتغذى من ماء زمزم وفي حديث ابن عباس أنه كان له قربة وزاد وإن عليًّا أضافه ثلاث ليال ثم أدخله بيته فأسلم ثم خرج فصرخ بالإسلام وكل من السندين صحيح فالله يعلم أيَّ المتنين كان ويحتمل أن أبا ذر أتى النبي صلَّى الله عليه وسلم حول الكعبة فأسلم ولم يعلم علي إذ ذاك ثم إن أبا ذر بقي مستترًا بحاله إلى أن استتبعه علي ثم