للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مر وقوله "وبارك له فيما أعطيته" قال النووي رحمه الله تعالى: فدعا له النبي صلَّى الله عليه وسلم بأن يبارك له فيه ومتى بورك فيه لم يكن فيه فتنة ولم يحصل بسببه ضرر ولا تقصير ولا غير ذلك من الآفات التي تتطرَّق إلى سائر الأغنياء بخلاف غيره وفيه هذا الأدب البديع وهو أنه إذا دعا بشيء له تعلق بالدنيا ينبغي أن يضم إلى دعائه طلب البركة فيه والصيانة ونحوهما وكان أنس ماله وولده رحمة وخيرًا ونفعًا بلا ضرر بسبب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اهـ.

قال القرطبي قوله: "اللهم أكثر ماله وولده" يدل على إباحة الاستكثار من المال والولد والعيال لكن إذا لم يشغل ذلك عن الله تعالى ولا عن القيام بحقوقه لكن لما كانت سلامة الدين مع ذلك نادرة والفتن والآفات غالبة تعين التقلل من ذلك فرارًا مما هنالك ولولا دعوة النبي صلَّى الله عليه وسليم لأنس رضي الله عنه بالبركة لخيف عليه من الإكثار الهلكة ألا ترى أن الله تعالى قد حذّرنا من آفات الأموال والأولاد ونبّه على المفاسد الناشئة من ذلك فقال: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: ٢٨] وصدر الكلام بإنّما الحاصرة المحققة فكأنه قال لا تكون الأموال والأولاد إلا فتنة يعني في الغالب وقال أيضًا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: ١٤]، ووجه عداوتهما أن محبتهما موجبة لانصراف القلوب إليهما والسعي في تحصيل أغراضهما واشتغالها بما غلب عليهما من ذلك عمَّا يجب عليها من حقوق الله تعالى ومع غلبة ذلك تذهب الأديان ويعم الخسران فأيّ عداوة أعظم من عداوة من يدمر دينك ويورثك عقوبة النار ولذلك قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩)} [المنافقون: ٩]، وقال أرباب القلوب والفهوم ما يشغلك من أهل ومال فهو عليك مشؤوم اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها باب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه بطول عمره وكثرة ماله [٦٣٤٤] وباب الدعاء بكثرة المال والولد مع البركة [٦٣٧٨] والترمذي في مناقب أنس بن مالك [٣٨٢٧ و ٣٨٢٨] ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أم سليم رضي الله عنها فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>