للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ أَصْوَاتِهِمْ، بِالْقُرْآنِ بِاللَّيلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ إِذَا لَقِيَ الْخَيلَ -أَوْ قَال الْعَدُوَّ- قَال لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ"

ــ

نزولهم (من) رفع (أصواتهم بالقرآن بالليل) أي في الليل يعني أنهم يجهرون بالقرآن في الليل فتعرف منازلهم بأصواتهم وفيه فضيلة الأشعريين وجواز الجهر بالقرآن في الليل إذا لم يكن فيه إيذاء لنائم أو لمصلٍّ أو غيرهما (وإن كنت لم أر منازلهم) أي موضع نزولهم (حين نزلوا بالنهار) وعبارة القرطبي هنا "حين يدخلون بالليل" كذا صحت الرواية فيه بالدال المهلمة والخاء المعجمة من الدخول وقد رواه بعضهم "يرحلون" بالراء والحاء المهملة من الرحيل قال بعض علمائنا وهو الصواب يشير إلى أنهم كانوا يلازمون قراءة القرآن في حال رحيلهم وفي حالة نزولهم وكان الأشعريين كثيرٌ فيهم قراءة القرآن بسبب أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فإنه كان من أحسن الناس صوتًا بالقرآن فكان يقرأ لهم فتطيب لهم قراءته فيتعلمون منه القرآن وأحبّوه فلازموه في حالتي الرحيل والنزول والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

(ومنهم) أي ومن الأشعريين (حكيم) قال أبو علي الجياني هو اسم علم لرجل منهم وقال أبو علي الصدقي هو صفة من الحكمة أي فيهم رجل ذو حكمة (إذا لقي الخيل) أي خيل العدو (أو قال) الراوي إذا لقي (العدو) بالشك من الراوي (قال لهم) أي لأصحاب الخيل وهو العدو أو للعدو (إن أصحابي) ورفقتي (يأمرونكم أن تنظروهم) أي أن تنتظروفم ليقاتلوكم ومعناه إنه لفرط شجاعته كان لا يفرّ من العدو بل يواجههم ويقول لهم إذا أرادوا الانصراف مثلًا انتظروا الفرسان حتى يأتوكم ليثبتهم على القتال وإن هذا المعنى ينطبق على كل من الشقين اللذين شك فيهما الراوي يعني سواءٌ كانت الرواية إذا لقي الخيل وسواء كانت إذا لقي العدو وأما إذا اخترنا الشق الأول أي إذا لقي الخيل فقط فإنه يحتمل معنى آخر أيضًا وهو أن المراد بالخيل خيل المسلمين ويشير بذلك إلى أن أصحابه كانوا رجالة فكان هو يأمر الفرسان أن ينتظروا ليسيروا إلى العدو جميعًا وجعل الحافظ في الفتح [٨/ ٤٨٧] هذا الاحتمال أشبه بالصواب وحكى عن ابن التين أن معنى كلامه أن أصحابه يحبون القتال في سبيل الله ولا يبالون بما يصيبهم.

وعبارة القرطبي " قوله ومنهم حكيم " إلخ وحكيم بمعنى محكم ويعني به هنا أنه محكم لأمور الفروسية والشجاعة ولذلك سبق قومه إلى العدو كما فعل النبي صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>