(قالت) أسماء (فـ) ـوالله (لقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني) في بيتي (أرسالًا) أي أفواجًا فوجًا بعد فوج يقال أورد إبله أرسالًا أي متقطعة وأوردها عراكًا أي مجتمعة اهـ نووي قال القرطبي قوله: "أرسالًا" أي متتابعين جماعة بعد جماعة واحد الأرسال رسل كأحمال جمع حمل يقال جاءت الخيل أرسالًا أي قطعة قطعة ففيه قبول أخبار الآحاد وإن كان خبر امرأة فيما ليس طريقًا للعمل والاكتفاء بخبر الواحد المفيد لغلبة الظن مع التمكن من الوصول إلى اليقين فإن الصحابة رضي الله عنهم اكتفوا بخبرها ولم يُراجعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء من ذلك وخبرها يفيد ظن صدقها لا العلم بصدقها فافهم هذا اهـ مفهم.
حالة كونهم (يسألوني عن هذا الحديث) الذي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالي وفي قولها "يأتوني يسألوني" حذف نون علامة الرفع فرارًا من كراهية توالي المثلين وقالت أسماء أيضًا (ما من الدنيا شيء هم) أي أصحاب السفينة (به أفرح) أي هم أشد فرحًا به (و) لا شيء (أعظم) بشارة (في أنفسهم) أي في قلوبهم (مما قال) أي من القول الذي قاله الهم رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني قوله لهم هجرة ولكم هجرتان قال القرطبي تعني أسماء ما من الدنيا شيء يحصل به ثواب عند الله تعالى هو في نفوسهم أعظم قدرًا ولا أكثر أجرًا مما تضمنه هذا القول لأن أصل أفعل أن تضاف إلى جنسها وأعراض الدنيا ليست من جنس ثواب الآخرة فتعين ذلك التأويل والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
(قال أبو بردة) بالسند السابق (فقالت أسماء فلقد رأيت أبا موسى وإنه) أي والحال أنه (ليستعيد هذا الحديث منّي) أي ليطلب مني إعادة هذا الحديث عليه وتكراره له ليحفظه لشدة فرحه به.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد [٣١٣٦] وفي فضائل