للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الأبي (فإن قلت) إذا لم يكن المقول له كذلك فغاية القائل أنَّه ساب أو كاذب أو شاتم ولا شيء من ذلك بكفرٍ عندكم فالحديث حجة للمكفر بالذنوب (قلت) أولها الإِمام بحمله على مستحل قول ذلك أو يجعل الضمير في (بها) عائدًا على السيئة المفهومة من السياق أي فقد باء بالسيئة أحدهما قال القاضي أو يجعل عائدًا على تنقيصه لأخيه أي فقد رجع بالنقيصة أحدهما وقيل رجع عليه تكفيره لأخيه لا الكفر حقيقة لأنه لما كفر مسلمًا فكأنه كفر نفسه أو كفر نعمة أخوة أخيه المسلم، قال النووي: فليس الراجع حقيقة الكفر بل التكفير لكونه جعل أخاه المؤمن كافرًا فكأنه كفر نفسه إما لأنه كفر من هو مثله وإما لأنه كفر ما لا يكفره إلَّا كافر يعتقد بطلان دين الإِسلام والله أعلم.

قال السنوسي: والحديث ظاهر في تحريم تكفير الرَّجل أخاه فإن وقع فهو سباب وإذاية، وقال مالك: من آذى مسلمًا أُدِّب.

(والتكفير) نسبة الغير إلى الكفر، والكفر لغة: الستر والتغطية ومنه سمي الزارع كافرًا لستره البذر في الأرض ومنه قوله تعالى: {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ}، أي الزراع ومنه قول الشَّاعر:

يعلو طريقة متنها متواتر ... في ليلة كَفَرَ النجوم غمامها

أي ستر وغطى، والغمام السحاب، وشرعًا: جحد ما علم من الدين بالضرورة وهذا هو الذي جرى به العرف الشرعي وقد جاء فيه الكفر بمعنى جحد المنعم وترك الشكر على النعم وترك القيام بالحقوق ومنه قوله صلى الله عليه وسلم للنساء (يكفرن الإحسان ويكفرن العشير) رواه الشيخان وأبو داود ومالك في الموطأ أي يجحدن حقوق الأزواج وإحسانهم ومن ها هنا صح أن يقال كفر دون كفر وظلم دون ظلم.

قوله (فقد باء بها أحدهما) أي رجع بإثمها ولازم ذلك، قال الهروي: وأصل البوء اللزوم ومنه "وأبوء بنعمتك عليَّ" رواه أَحْمد والبخاري والتِّرمذيّ والنَّسائيّ وابن ماجه، أي أُقِرُّ بها وأُلزِمُها نفسي، وقال غيره من أهل اللغة: رجع بشرِّ، والهاء في (بها) عائدة إلى التكفيرة الواحدة التي هي أقل ما يدل عليها لفظ كافر ويحتمل أن يعود الضمير إلى الكلمة اهـ قرطبي.

وعبارة القاضي عياض هنا قال الإِمام يحتمل أن يكون قال ذلك في المسلم مستحلًا فيكفر باستحلاله وإذا احتمل ذلك لم يكن فيه حجة لمن كفر بالذنوب ويحتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>