مفهم قال الحافظ في الفتح [٨/ ٥٨٥] ويحتمل أن يكون الكلام على الحقيقة والأعراض يجوز أن تتجسد وتكلَّم بإذن الله تعالى وهذا هو القول الحق أي قامت الرحم بنفسها بإذن الله تعالى (فقالت) الرحم حقيقة بلسان المقال (هذا) أي قيامي هذا (مقام العائذ) أي قيام المستعيذ بك المستجير (من القطيعة) فأجرني من القطيعة فإن من استجار بك غير مخذول وعهدك غير منقوض قال الله تعالى في جواب استجارتها (نعم) أجرتك من القطيعة ثم عاهد لها فقال مخاطبًا لها (أما ترضين) أيتها الرَّحم (أن أصل من وصلك) ووصل الله لعباده صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها لا نكيّفها ولا نمثلها أثرها إحسانه إليهم (وأقطع من قطعك) وقطع الله سبحانه لعباده صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثّلها أثرها انتقامه منهم (قالت) الرحم لربها بلسان المقال حقيقةً (بلى) رضيت يا رب ما عاهدتني (قال) الرب عزَّ وجلَّ للرحم بلا واسطة حقيقة (فذاك) العهد من وصل من وصلك وقطع من قطعك واجب (لك) عليَّ بمقتضى فضلي ووعدي (ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤوا إن شئتم) مصداق قولي قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيتُمْ إِنْ تَوَلَّيتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٢ - ٢٣ - ٢٤].
وهذا الذي ذكرناه في معنى هذا الحديث هو القول الصواب والمذهب الحق الذي عليه السلف وفيه أقاويل باردة وتأويلات زائفة لا مستند لها قد ضربنا عليها صفحًا خوفًا من الإطالة لأنها لا طائل في ذكرها والله سبحانه وتعالى هو الموفق بالصواب.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في الأدب باب من وصل وصله الله [٥٩٨٧] وفي التوحيد باب قول الله تعالى يريدون أن يبدلوا كلام الله [٧٥٠٢].