للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ. فَقَال الأَنْصَارِيُّ: يَا للأنْصَارِ، وَقَال الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَالُ دَعْوَى الْجاهِلِيَّةِ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَال: "دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" فَسَمِعَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَال: قَدْ فَعَلُوهَا، وَاللهِ، لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ.

قَال عُمَرُ: دَعْنِي أَضرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَال: "دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يقْتُلُ أَصْحَابَهُ"

ــ

رجلًا من الأنصار فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجريُّ يا للمهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال) أي ما شأن (دعوى الجاهلية) تنادون بها وتستغيثون فيما بينكم (قالوا يا رسول الله كَسَعَ) أي ضرب (رجلٌ من المهاجربن) بصدر قدمه (رجلًا من الأنصار فقال) لهم النبي صلى الله عليه وسلم (دعوهما) أي اتركوا دعوى الجاهلية والتناصر بها (فإنها) أي فإن دعوى الجاهلية (منتنة) أي مستخبثة قبيحة كريهة مؤذية لأنها تثير الفتنة والعصبية بين الناس يعني أن عصبية الجاهلية والتداعي باسمها أمرٌ منتن والمنتن في الأصل ما له رائحة كريهة جدًّا ثمّ استعير للقبيح الشديد القباحة فإن الطعام ونحوه إذا بلغ غاية التغيُّر أنتن (فسمعها) أي فسمع قصة التداعي والتناصر الواقعة بين المهاجريّ والأنصاريّ (عبد الله بن أُبي) ابنُ سلول رئيس المنافقين (فقال) عبد الله بن أبيّ (قد فعلوها) أي أقد فعلوها بتقدير همزة الاستفهام الإنكاريّ أي أقد فعل المهاجرون الآثرة والاستغاثة علينا أي شركناهم فيما نحن فيه من الأموال والبلاد فأرادوا الآن الاستبداد به والأُثرة علينا.

وفي رواية لابن إسحاق "فقال عبد الله بن أبيّ أقد فعلوها نافرونا وكاثرونا في بلادنا والله ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل سمِّن كلبك يأكلك" (والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ) يعني المواطنين في المدينة من الأنصار (منها) أي من المدينة (الأذل) يعني به المهاجرين (قال عمر) بن الخطاب (دعني) أي اتركني وأذن لي إن أذنت لي (أضرب عنق هذا المنافق فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعه) أي اتركه ولا تقتله إذًا (لا يتحدّث الناس أنّ محمدًا يقتل أصحابه) فإن قتلته يتحدثون بذلك القتل إذ في ذلك كما قال أبو سليمان تنفير الناس عن الدخول في الدين بأن يقولوا

<<  <  ج: ص:  >  >>