للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ. كِلاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ. بِإِسْنَادِ إِسْمَاعِيلَ، نَحْوَ حَدِيثِهِ. إلا أَنَّ فِي حَدِيثِ حَمَّادٍ: قَال عِمْرَانُ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيهَا، نَاقَةً وَرْقَاءَ، وَفِي حَدِيثِ الثَّقَفِيِّ: فَقَال: "خُذُوا مَا عَليها وَأَعْرُوهَا، فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ"

ــ

في (١٤) بابًا (ح وحدَّثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدَّثنا) عبد الوهَّاب بن عبد المجيد (الثقفي) البصري (كلاهما) أي كلٌّ من حمّاد والثقفي رويا (عن أيوب) السختياني غرضه بيان متابعتهما لابن علية (بإسناد إسماعيل) يعني عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران (نحو حديثه) أي نحو حديث إسماعيل (إلّا) أي لكن (أن في حديث حماد) بن زيد لفظة (قال عمران) بن حصين (فكاني أنظر) الآن (إليها) أي إلى تلك الناقة حالة كونها (ناقة ورقاء) أي ناقة خالط بياضها سواد ويقال للذكر أورق وقيل هي التي لونها كلون الرماد (وفي حديث) عبد الوهاب (الثقفي) وروايته لفظة (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لمن عنده (خذوا ما عليها) أي ما على هذه الناقة من المتاع والرّحل وآلته (واعروها) أي واجعلوها عريًا أي عارية خالية مجرّدة عن الرّحل والبرذعة والحبال والزمام (فإنها ملعونة) لعنتها صاحبتها يقال أعريته إعراء وعرَّيته تعرية فتعرّى.

قال القرطبي: "قوله صلى الله عليه وسلم في الناقة المدعوّ عليها باللعنة خذوا ما عليها فإنها ملعونة" حمله بعض الناس على ظاهره فقال أطلع الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على أن هذه الناقة قد لعنها الله تعالى وقد استجيب لصاحبتها فيها فإن أراد هذا القائل أن الله تعالى لعن هذه الناقة كما يلعن من استحق اللعنة من المكلفين كان ذلك باطلًا إذ الناقة ليست بمكلفة وأيضًا فإن الناقة لم يصدر منها ما يوجب لعنها. وإن أراد أن هذه اللعنة إنما هي عبارة عن إبعاد هذه الناقة عن مالكتها وعن استخدامها إياها فتلك اللَّعنة إنما ترجع لصاحبتها إذ قد حيل بينها وبين مالها ومُنعت الانتفاع به لا للناقة لأنها قد استراحت من ثقل الحمل وكدِّ السير فإن قيل فلعلَّ معنى لعنة الله الناقة أن تُترك أن لا يتعرَّض لها أحد فالجواب أن معنى ترك الناس لها إنما هو أنهم لم يؤوُوها إلى رحالهم ولا استعملوها في حمل أثقالهم فأما أن يتركوها في غير مرعى ومن غير علف حتى تهلك فليس في الحديث ما يدلّ على ذلك ثم هو مخالف لقاعدة الشرع في الأمر بالرفق بالبهائم والنَّهي عن تعذيبها وإنما كان هذا منه صلى الله عليه وسلم تأديبًا لصاحبتها وعقوبة لها فيما دعت عليها. بما دعت به ويستفاد من هذا جواز العقوبة في المال لمن جنى فيه بما يناسب ذلك والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>