من أن يخذل من استجار به ولما جهل ذلك الرجل ذلك المعنى وظن أن الذي يحتاج إلى التعوذ إنما هو المجنون فقال أمجنونًا تراني منكرًا على من نبّهه على ما يصلحه ورادًّا لما ينفعه وهذا من أقبح الجنون والجنونُ فنون وكأن هذا الرجل كان من جفاة الأعراب الذين قلوبهم من الفقه والفهم خراب اهـ من المفهم.
"قلت" وهذه الاستعاذة التي أخبرها الرسول صلى الله عليه وسلم إحدى طرق معالجة الغضب وقد أخرج أبو داود رقم [٤٧٨٢] عن أبي ذر رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع وأخرج أيضًا عن عطية السعدي مرفوعًا إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ وقد أخرج ابن السنِّي في عمل اليوم والليلة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غضبت عائشة أخذ بأنفها وقال يا عويش قولي اللهم ربّ النبي محمد اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلّات الفتن ذكره العراقي في تخريج الإحياء وقد أخرج ابن ماجه رقم [٤٢٤٢] عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من جرعة أعظم أجرًا عند الله تعالى من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله عزَّ وجلَّ.
ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة وهو كون الإنسان خلقًا لا يتمالك بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:
٦٤٩١ - (٢٥٨٦)(١٥٤)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يونس بن محمد) بن مسلم البغدادي ثقة من (٩) روى عنه في (٨) أبواب (عن حمّاد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري ثقة من (٨) روى عنه في (١٦) بابا (عن ثابت) بن أسلم البناني البصري ثقة من (٤)(عن أنس) بن مالك رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما صوّر الله) سبحانه (آدم في الجنة) قال القرطبي يعني لما شكل الله طينته على شكلها الخاص على ما سبق في علمه (تركه) أي ترك آدم على طينته (ما شاء الله أن يتركه) طينًا من الزمن (فجعل إبليس) اللعين أي شرع