العمل الصالح (وبحمده الناس عليه) أي على ذلك العمل ويثنونه هل يؤاخذ به أم لا فـ (ـقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤاخد به (تلك) المدحة (عاجل بشرى المؤمن) أي البشارة المعجلة له في الدنيا وهي دليل البشرى المؤخرة له إلى الآخرة المذكورة بقوله تعالى: {بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ} الآية وهذه البشرى المعجلة دليل على رضا الله تعالى عنه ومحبته له فيحببه إلى الخلق اهـ نووي. ثم يوضع له القبول في الأرض هذا كله إذا حمده الناس من غير تعرض منه لحمدهم وإلا فالتعرض منه مذموم.
والحاصل أن عمل الخير لاستجلاب مدح الناس رياء وهو حرام ولكن إذا كان عمله خالصًا لوجه الله تعالى ثم أثنى عليه الناس خيرًا بدون أن يطلب منهم ذلك فإنه علامة القبول من الله تعالى وإن مثل هذا المدح لا يبعثه على الإعجاب بنفسه وإنما يحمله على الشكر لله تعالى حيث ألقى محبته في قلوب الناس وستر عيوبه عن أعينهم والله سبحانه وتعالى أعلم.
قوله "أرأيت الرجل" إلخ قال القرطبي يعني الرجل الذي يعمل العمل الصالح خالصًا ولا يريد إظهاره للناس لأنه لو عمله ليحمده الناس أو يبروه لكان مرائيًا ويكون ذلك باطلًا فاسدًا وإنما الله تعالى بلطفه ورحمته وكرمه يعامل المخلصين في الأعمال الصادقين في الأقوال والأحوال بأنواع من اللطف فيقذف في القلوب محبتهم ويطلق الألسنة بالثناء عليهم لينوه بذكرهم في الملأ الأعلى ليستغفروا لهم وينشر طيب ذكرهم في الدنيا ليقتدى بهم فيعظم أجرهم وترتفع منازلهم وليجعل ذلك علامة على استقامة أحوالهم وبشرى بحسن مآلمهم وكثير ثوابهم ولذلك قال تلك عاجل بشرى المؤمن والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٥/ ١٥٧] وابن ماجه في الزهد باب الثناء الحسن [٤٢٦٨].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي ذر رضي الله عنه فقال:
٦٥٦٣ - (٠٠)(٠٠) (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم عن وكيع ح