رحمته لكم لغيره اهـ، وعن الهيثم بن عدي في لغة أزد شنوءة ما رزق فلان فلانًا أي ما شكر اهـ تفسير الطبري.
قال القرطبي: وقوله (أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر) أصل الشكر الظهور ومنه قولهم (دابة شكور) إذا ظهر عليها من السمن فوق ما تأكله من العلف والشاكر هو الذي يثني بالنعمة ويظهرها ويعترف بها للمنعم، وجحدها كفرانها فمن نسب المطر إلى الله تعالى وعرف منته فيه فقد شكر الله تعالى ومن نسبه إلى غيره فقد جحد نعمة الله تعالى في ذلك وظلم بنسبتها لغير المنعم بها فإن كان ذلك عن اعتقاد كان كافرًا ظالمًا حقيقة وإن كان عن غير معتقد فقد تشبه بأهل الكفر والظلم الحقيقي كما قلناه آنفًا وقد قابل في هذا الحديث بين الشكر والكفر فدل ظاهره على أن المراد بالكفر ها هنا كفران النعم لا الكفر بالله تعالى ويحتمل أن يكون المراد به الكفر الحقيقي ويؤيد ذلك استدلال النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)}.
والقسم الإيلاء والحلف وهذا وأشباهه قسم من الله تعالى على جهة التشريف للمقسم به والتأكيد للمقسم له ولله تعالى أن يقسم بما شاء من أسمائه وصفاته ومخلوقاته تشريفًا وتنويهًا كما قال تعالى {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١)} وقوله {وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَى (١)} وقوله {وَالْعَادِيَاتِ} وقوله {وَالْمُرْسَلَاتِ}{وَالنَّازِعَاتِ} ونحو هذا انتهى.
وهذا الحديث أعني حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث، الأول حديث زيد بن خالد وذكره للاستدلال والثاني حديث أبي هريرة وذكر فيه متابعة واحدة والثالث حديث ابن عباس وذكرهما للاستشهاد لحديث زيد بن خالد الجهني والله أعلم.