يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال فِي الأَنْصَارِ:"لَا يُحِبُّهُمْ إلا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إلا مُنَافِقٌ، مَنْ أَحَبَّهُمْ أحَبَّهُ الله، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللهُ"، قَال شُعْبَةُ: قُلْتُ لِعَدِيٍّ: سَمِعْتَهُ مِنَ الْبَرَاء؟ ؛ قَال: إِيَّايَ حَدَّثَ
ــ
سمعت البراء حالة كونه (يحدث) ويروي (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه) عليه الصلاة والسلام (قال في) بيان منقبة (الأنصار) وفضلهم (لا يحبهم) أي لا يحب الأنصار لأجل نصرتهم نبيه صلى الله عليه وسلم ودينه ببذل أموالهم وأنفسهم له صلى الله عليه وسلم (إلا مؤمن) كامل الإيمان (ولا يبغضهم) لأجل ذلك (إلا منافق) كافر، والمنافق من يظهر الإسلام ويبطن الكفر (من أحبهم) أي من أحب الأنصار لأجل ذلك (أحبه الله) سبحانه وتعالى وجعله من أهل كرامته ومرضاته (ومن أبغضهم) أي ومن أبغض الأنصار لأجل ذلك (أبغضه الله) سبحانه وتعالى أي جعله من أهل بغضه ومقته وخذلانه.
قال القرطبي: قوله (فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله) هذا من مقابلة اللفظ، ومعناه أن من أحبهم جازاه الله على ذلك جزاء المحبوب المحب من الإكرام والترفيع والتشفيع، وعكس ذلك في البغض، وظاهر هذا الكلام أنه خبر عن مآل كل واحد من المصنفين، ويصلح أن يقال إن ذلك الخبر خرج مخرج الدعاء لكل واحد من المصنفين، فكأنه قال: اللهم افعل بهم ذلك كما قال "صلى الله على محمد وآله" اهـ.
وقال النواوي: ومعنى هذه الأحاديث أن من عرف مرتبة الأنصار، وما كان منهم في نصرة دين الإسلام والسعي في إظهاره، وإيواء المسلمين وقيامهم في مهمات دين الإسلام حق القيام، وحبهم النبي صلى الله عليه وسلم وحبه إياهم، وبذلهم أموالهم وأنفسهم بين يديه، وقتالهم ومعاداتهم سائر الناس إيثارًا للإسلام، كان ذلك من دلائل صحة إيمانه وصِدقه في إسلامه لسروره بظهور الإسلام والقيام بما يرضي الله سبحانه وتعالى ورسوله، ومن أبغضهم كان بضد ذلك، واستدل على نفاقه وفساد سريرته والله أعلم اهـ.
قال معاذ بن معاذ (قال) لنا (شعبة قلت لعدي) بن ثابت (سمعته) أي أسمعت هذا الحديث (من البراء) بن عازب بأذنك أم بواسطة (قال) عدي نعم (إياي) بلا واسطة (حدث) البراء، بلا واسطة بيني وبينه، وهذا الكلام من شعبة استثبات لسماع عدي من البراء لا للشك فيه، وهذا الحديث أعني حديث البراء، شارك المؤلف في روايته البخاري (٣٧٨٣) والترمذي (٣٨٩٦).