العقل والفهم الصحيح، وقال القاضي: وفي هذا تنبيه على أن الفطنة قلما تكون مع السمن اه وفي هذا الباب قيل: البطنة تذهب الفطنة وفي الأُبي قال الشافعي: ما رأيت سمينًا قط عاقلًا إلَّا محمد بن الحسن صاحمب أبي حنيفة (فقال أحدهم) أي أحد الثلاثة (أتُرون الله) بضم التاء أي هل تظنونه سبحانه (يسمع ما نقول) معاشر الثلاثة وهذا شاك في سماعه تعالى ولذلك سأل عن سماعه (وقال الآخر) بإسقاط الواو كما في رواية البخاري لأنها تحريف من النساخ لأن الكلام جواب لما قبله، وهو الثاني منهم (يسمع) سبحانه ما نقول (إن جهرنا) ورفعنا صوتنا (ولا يسمع إن أخفينا) وأسررنا قولنا ولم نرفعه ولم نجهره، وهذا قاسه سبحانه على المخلوق، ومقتضى كلامه أنه يسمع بعض كلامنا ولا يسمع بعضه (وقال الآخر) وهو الثالث منهم (إن كان) سبحانه (يسمع) ما نقول (إذا جهرنا) أي رفعنا صوتنا (فهو) سبحانه (يسمع إذا أخفينا) وأسررنا قولنا، قال في الفتح: فيه إشعار بأن هذا الثالث أفطن أصحابه وأخلق به أن يكون الأخنس بن شريف لأنه أسلم بعد ذلك وكذا صفوان بن أمية، وفي رواية روح المذكورة يسمع بعضه وبيان الملازمة في قول هذا الثالث كما قاله الكرماني أن نسبة جميع المسموعات إليه تعالى واحدة فالتخصيص تحكم اه قسطلاني (فأنزل الله عز وجل {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ}) أي ما كان لكم أن تستتروا من ({أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} الآية)[فصلت: ٢٢] أي ما كان لكم أن تستتروا من أن يشهد عليكم أعضاؤكم عند الله تعالى، والحاصل أن الله يسمع ما تجهرون وما تخفون ويشهد على ذلك أعضاؤكم وتمام الآية {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ثم إن إدراج المؤلف هذا الحديث في باب صفات المنافقين لا يظهر له وجه لأن الآية إنما نزلت في المشركين المجاهرين لا في المنافقين ولعل مسلمًا أورده هنا من جهة أن ما يضمر المنافقون في صدورهم من النفاق يدل على أنهم يعتقدون أن الله تعالى لا يعلم ما في ضمائرهم ولا