للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيئًا. قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَينَهُ وَبَينَ امْرَأَتِهِ. قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ".

قَالَ الأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: "فَيَلْتَزِمُهُ"

ــ

به وسخرية لأنه مستعمل في الله تعالى كما قال تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} وفيه إشارة إلى اعتزاله وابتعاده عن جنس الإنس الذين يرجمونه بالحوقلة اه (يجيء أحدهم) أي أحد سراياه الذين بعثهم إلى نواحي الأرض لفتنة بني آدم ويرجع إليه (فيقول) ذلك الأحد (فعلت) ببني آدم (كذا وكذا) من الإغواء والإضلال (فيقول) له إبليس: (ما صنعت) بتاء الخطاب أي ما فعلت (شيئًا) يسرني وينتقم لي منهم أي ما حصلت غرضنا في بعثك إليهم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم يجيء أحدهم) أي أحد سراياه (فيقول) لإبليس: (ما تركته) أي ما تركت فلانًا الذي كان مجتهدًا في دينه وعبادته (حتى فرّقت بينه وبين امرأته) بإلقاء العداوة والبغضاء بينهما (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (فيدنيه) أي فيدني إبليس هذا الذي فرق بين الزوجين بوسوسته (منه) منزلة أي يقربه إليه درجة (ويقول) إبليس له: (نعم) الرجل الذي أفادنا في إغواء بني آدم والمخصوص بالمدح (أنت) المفترس لنا أعداءنا (قال الأعمش: أراه) أي أرى أبا سفيان (قال فيلتزمه) إبليس أي يضمه إلى نفسه ويقبله ويعانقه لكونه من المقربين عنده. (نعم أنت) قال القاضي عياض: هو من الحذف لدلالة الكلام على المحذوف أي نعم أنت الذي جاء بالطالعة أو نعم أنت الذي أعني أو نعم أنت الذي فعل اختياري أو نعم أنت الحظي عندي. قوله: (فيدنيه فيلتزمه) أي يعانقه وفيه تعظيم أمر الطلاق وكثرة ضرره وعظيم فتنته وعظيم الإثم في السعي فيه لما فيه من قطع ما أمر الله به أن يوصل وشتات ما جعل الله سبحانه فيه مودة ورحمة وهدم بيت بُني في الإسلام وتعريض المتخاصمين أن يقعا في الإثم والحرج (قلت): وانظر ما يتفق كثيرًا أن يسعى إنسان في فراق امرأة من زوجها ليتزوجها هل يمكن من زواجها إذا ثبت أنه سعى في ذلك أفتى بعض أصحابنا بأنه لا يمكن من ذلك، ونقل من يوثق به أن الشيخ وافق على ذلك وهو الصواب لما فيه من تتميم المفاسد المذكورة، والأظهر إذا وقع أن يكون الفساد في عقده فيفسخ قبل وبعد اه من الأبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>