السند من سداسياته (قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم) أيها الناس (من أحد إلا وقد وُكل به) بالبناء للمجهول من التوكيل بمعنى التسليط (قرينه من الجن) أي صاحبه منهم ليأمره بالشر واسمه الوسواس وهو ولد يولد لإبليس حين يولد لبني آدم ولد، كذا في مرقاة المفاتيح لعلي القاري [١/ ١١٦] ولعل المراد من الولادة لإبليس أنه يخلق شيطان يكون من جند إبليس والله أعلم (قالوا) أي قالت الصحابة: (وإياك) وُكل (يا رسول الله) أي ولك أيضًا قرين من الجن، والأوفق للقاعدة النحوية أن يقال وأنت يا رسول الله ولكنه يتوسع في المحاورات مثل ذلك والمعنى وأنت لك قرين يا رسول الله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإياي) وُكل به، والقياس (وأنا) أي وأنا وكل به القرين (إلا أن الله) سبحانه أي لكن أن الله (أعانني) وساعدني (عليه) أي على ذلك القرين أي على السلامة من شره أو على استسلامه وانقياده لي (فأسلم) فيه روايتان مشهورتان رفع الميم على أنه مضارع مسند إلى المتكلم أي أسلم أنا وأحفظ وأجار من شره وفتنته بعصمة الله تعالى، وفتح الميم على أنه ماض مسند إلى القرين أي فاستسلم ذلك القرين وانقاد لي (فلا يأمرني إلا بخير) وفي جامع الترمذي، قال ابن عيينة:(فأسلم) بالرفع أي أسلم أنا منه والشيطان لا يسلم، وفي جامع الدارمي قال أبو محمد:(فأسلم) بالفتح أي استسلم وذل وانقاد لي، والخطابي ذهب إلى الأول، والقاضي عياض إلى الثاني وهما روايتان مشهورتان، قال التوربشتي: الله تعالى قادر على كل شيء فلا يستبعد من فضله أن يخص نبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الكرامة أي بإسلام قرينه وبما فوقها اه من المرقاة.
وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات الست، ولكنه شاركه أحمد [١/ ٣٩٧ و ٣٨٥ و ٤٥١ و ٤٦٠].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في الحديث فقال: