للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِتَفَاضُلِ مَا بَينَهُمْ" قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ. قَالَ: "بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ"

ــ

وغروبه بعيد عن الأبصار فيظهر صغيرًا لبعده وقد بينه بقوله: "في الأفق من المشرق أو المغرب" والأفق ناحية السماء وهو بضم الهمزة والفاء وبسكونها كما يقال عُشُر وعُشْر، وجمعه آفاق. وقوله: (من الأفق من المشرق) الظاهر أن من الأولى ظرفية بمعنى في كما في رواية البُخاريّ، والثانية للبيان. وقوله: (لتفاضل ما بينهم) متعلق بيتراءون أي يتراءى أهل الغرف السافلة أهل الغرف العالية من بعيد ترائيًا مثل ترائيكم الكوكب الطالع في المشرق أو الغارب في المغرب لتفاضل أي لتفاوت ما بين أهل الجنَّة من المنازل ارتفاعًا وضدًا (قالوا) أي قال الحاضرون عنده صَلَّى الله عليه وسلم (يا رسول الله تلك) المنازل الرفيعة هي (منازل الأنبياء) والمرسلين التي (لَّا يبلغها) ولا يصلها (غيرهم) أي غير الأنبياء (قال) لهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: (بلى) أي ليست تلك المنازل مختصة بالأنبياء (والذي نفسي بيده) بل هم (رجال) أي بل هي منازل رجال (آمنوا بالله وصدقوا المرسلين) فيما جاؤوا به عن الله تعالى أي صدقوا حق تصديقهم وإلا لكان من آمن بالله وصدق رسله وصل إلى تلك الدرجة وليس كذلك؛ والمعنى أي بلى يبلغها غيرهم هم رجال عظماء في الرتبة وكملاء في الرجولية فتنوينه للتعظيم، وإنَّما قرن القسم ببلوغ غيرهم لما في وصول المؤمنين بمنازل الأنبياء من استبعاد السامعين كذا في ابن ملك اه دهني.

قال القرطبي: قوله: (بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله) إلخ كذا وقع هنا هذا الحرف "بلى" التي أصلها حرف جواب وتصديق، وليس هذا موضعها لأنهم لم يستفهموا، وإنما أخبروا أن تلك المنازل للأنبياء لا لغيرهم فجواب هذا يقتضي أن تكون بل التي للإضراب عن الأول وإيجاب الحكم للثاني فكأنه تسومح فيها فوضعت بلى موضع بل، (ورجال) مرفوع بالابتداء المحذوف تقديره هم رجال، وفيه أيضًا توسع أي تلك المنازل منازل رجال آمنوا بالله أي حق إيمانه وصدقوا المرسلين أي حق تصديقهم وإلا فكل من يدخل الجنَّة هو من آمن بالله وصدق رسله ومع ذلك فهم متفاوتون في الدرجات والمنازل وهذا واضح.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٥/ ٣٤٠] والبخاري في بدء الخلق

<<  <  ج: ص:  >  >>