للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالُوا: فَمَا بَال الطَّعَامِ؟ قَالَ: "جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كرَشْحِ الْمِسْكِ. يلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ، كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ"

ــ

الفاسد (قالوا) لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: (فما بال الطَّعام) الذي أكلوه وشربوه وشأنه إذا لم يتغوطوا ولم يبولوا (قال) لهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم هو أي طعامهم الذي أكلوه (جشاء) بضم الجيم وبالمد فهو خبر لمبتدإ محذوف كما قدرناه أي نظير جشاء يحصل من طعام الدُّنيا وإلا فجشاء الجنَّة لا يكون مكروهًا بخلاف جشاء الدُّنيا، والجشاء تنفس المعدة من الامتلاء وهو صوت مع ريح يخرج من الفم أي مأكولهم جشاء (و) شرابهم (رشح) أي عرق له رشح (كرشح المسك) أي رائحة كرائحة المسك، والحاصل أن فضل طعامهم إمَّا جشاء وإما رشح (يلهمون) أي يلقون في روعهم وقلبهم (التسبيح) أي تنزه الله تعالى عن النقائص (والتحميد) أي اتصافه بالكمالات إلهامًا (كما يلهمون النَّفس) في الدُّنيا أي كإلهامهم النَّفس وهو الرِّيح الذي يخرج من الرئة تكون به حياة الحيوان فإذا وقف مات، قال علي القارئ في المرقاة [١٠/ ٣٢٥] قوله: (جشاء ورشح) هذا إمَّا باعتبار اختلاف الأشخاص أو الأوقات أو بعض الطَّعام يكون جشاء وبعضه يكون رشحًا، والأظهر أن المأكول ينقلب جشاء وأن المشروب يعود رشحًا والطعام قد يطلق عليهما نظرًا إلى معنى الطعم والذوق اه. قوله: (يلهمون التسبيح) إلخ أي يلهمهم الله تعالى التسبيح والتحميد كما يلهمهم التنفس، ووجه التشبيه أن تنفس الإنسان لا كلفة عليه فيه ولابد له منه، فجعل تنفسهم تسبيحًا وتحميدًا، وسببه أن قلوبهم تنورت بمعرفة الرب سبحانه وامتلأت بحبه ومن أحب شيئًا أكثر من ذكره أن فتح الباري [٦/ ٣٢٦] قال الطبري: قوله: (كما يلهمون النَّفس) وذلك أن التنفس من الضروريات للإنسان ولا مشقة عليه فيه فكذلك ذكر الله تعالى على ألسنة أهل الجنَّة، وسر ذلك أن قلوبهم قد تنورت بمعرفته وأبصارهم برؤيته وامتلأت قلوبهم بمحبته ومن أحب شيئًا أكثر من ذكره. [قلت]: فهو تسبيح تنعم والتذاذ اه أبي. يعني لا تكليف لأنَّ الجنَّة ليست داره، وفي رواية في المشكاة كما تلهمون بصيغة الخطاب.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في السنة، باب في الشفاعة [٤٧٤١].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>