وأتى بقوله (قال يحيى أخبرنا جرير) تورعًا من الكذب على يحيى لأنه صرح بالسماع ولم يقل عن جرير كما قاله عثمان (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم أبي محمد الكوفي ثقة حافظ من الخامسة مات سنة (١٤٨) وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا (عن أبي سفيان) طلحة بن نافع القرشي مولاهم الإسكاف المكي نزيل واسط صدوق من الرابعة روى عن جابر في الإيمان والصلاة وغيرهما وتقدم البسط في ترجمته (قال) أبو سفيان (سمعت جابرًا) بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي أبا عبد الله المدني الصحابي بن الصحابي روى عنه المؤلف في ستة عشر بابًا تقريبًا وهذا السند من خماسياته رجال اثنان منهم أو ثلاثة كوفيون أو كوفيان ونيسابوري وواحد مكي وواحد مدني.
حالة كون جابر (يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن بين الرجل) المسلم وكذا المرأة (وبين) الاتصاف بـ (الشرك والكفر) وعطف الكفر على الشرك من عطف العام على الخاص لأن الكفر يكون بجحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة مثلًا (ترك الصلاة) المكتوبة أي فعل الصلاة المكتوبة، قال السنوسي إن ترك الصلاة معبر به عن ضده الذي هو فعلها لأن فعل الصلاة هو الحاجز بين الإيمان والكفر فإذا ارتفع رفع المانع اهـ.
قال القرطبي: يعني أنه من ترك الصلاة لم يبق بينه وبين الكفر حاجز يحجزه عنه ولا مانع يمنعه منه أي قد صار كافرًا وهذا إنما يكون بالإجماع فيمن كان جاحدًا لوجوبها فأما من كان معترفًا بوجوبها متهاونًا بفعلها وتاركًا لها فالجمهور على أنه يقتل إذا أخرجها عن آخر وقتها أو عن وقتها الضروري ثم هل يقتل كفرًا أو حدًّا فيه خلاف فممن ذهب إلى الأول أحمد بن حنبل وابن المبارك وإسحاق وابن حبيب من أصحابنا وروي ذلك عن علي بن أبي طالب وممن ذهب إلى الثاني مالك والشافعي وكثير من أهل العلم قالوا يقتل حدًّا إذا عرضت عليه فلم يفعلها ثم هل يستتاب أم لا قولان لأصحابنا، وقال الكوفيون لا يقتل ويؤمر بفعلها ويعزر حتى يفعلها.