أبو بكر المكيّ، ثقة، من (٣) روى عنه في (٢٠) بابا (عن القاسم بن محمَّد) بن أبي بكر الصِّديق التَّيميُّ المدني، ثقة، من (٣) روى عنه في (٥) أبواب (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته (قالت) عائشة: (سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول يحشر) أي يجمع (النَّاس) في المحشر (يوم القيامة) حالة كونهم (حفاة) جمع حاف وهو من ليس في رجليه فعل أو حذاء، وحالة كونهم (عراة) جمع عار وهو من ليس على جسده لباس، وحالة كونهم (غرلًا) بضم الغين المعجمة وسكون الراء جمع أغرل وهو الأقلف وهو الذي لم يختن وبقيت غرلته وهي الجلدة التي يقطعها الخاتن من الذكر، قال ابن عبد البر: يحشر الآدمي عاريًا ولكل من الأعضاء ما كان له يوم ولد فمن قطع منه شيء يرد إليه حتَّى الأقلف، وقال أبو الوفا بن عقيل: حشفة الأقلف موقاة بالقلفة فتكون أرق فلما أزالوا تلك القطعة في الدُّنيا أعادها الله تعالى ليذيقها من حلاوة فضله اهـ فتح الباري.
(قوله عراة) وقد استشكل على هذا الحديث بحديث أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان أنَّه لما حضر أبا سعيد الخدري الوفاة دعا بثياب جدد فلبسها وقال: سمعت النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "إن الميت يبعث يوم القيامة في ثيابه التي مات فيها" وجمع بعضهم بينهما بأن بعضهم يحشر عاريًا وبعضهم كاسيًا عملًا بالحديثين، أو بأنهم يخرجون من القبور بالثياب التي ماتوا فيها ثم تتناثر عنهم عند ابتداء الحشر فيحشرون عراة، وحمل بعضهم حديث أبي سعيد على الشهداء، ويحتمل أن يكون أبو سعيد سمعه في الشهيد فحمله على العموم، وقيل غير ذلك، وهذه التأويلات كلها خلاف الظاهر، ولعل أولاها بالقبول حمله على الشهداء فقط لأن ما جاء في حديث الباب مؤيد بقوله تعالى:({كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ}) اهـ فتح الباري باختصار [١١/ ٣٨٤].
قالت عائشة (قلت يا رسول الله النساء والرجال جميعًا ينظر بعضهم إلى) عورة (بعض) حينئذٍ (قال صَلَّى الله عليه وسلم: يا عائشة الأمر) أي أمر يوم القيامة وهوله (أشد) أي أشغل (من أن ينظر بعضهم إلى بعض) أي من نظر بعضهم إلى عورة بعض.