للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَال: نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ"

ــ

[٣/ ١٠٥] وإسناده جيد قوي ولكن متنه في رفعه نكارة لأن ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه لإحكام بنائه وصلابته وشدته ولكن هذا قد رُوي عن كعب الأحبار أنهم قبل خروجهم يأتونه فيلحسونه ويقولون غدًا نفتحه ويُلهمون أن يقولوا إن شاء الله فيصبحون وهو كما فارقوه فيفتحونه وهذا متجه، ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب فإنه كان كثيرًا ما كان يجالسه ويحدّثه فحدّث به أبو هريرة فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع فرفعه، وقال الحافظ ابن كثير أيضًا في البداية والنهاية [٢/ ١١٢] فإن لم يكن رفع هذا الحديث محفوظًا وإنما هو مأخوذ عن كعب الأحبار كما قاله بعضهم فقد استرحنا من المؤنة وإن كان محفوظًا فيكون محمولًا على أن صنيعهم هذا يكون في آخر الزمان عند اقتراب خروجهم كما هو المروي عن كعب الأحبار أو يكون المراد بقوله: {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} أي نافذًا منه فلا ينفوا أن يلحسوه ولا ينفذوه والله أعلم. وعلى هذا فيمكن الجمع بين هذا وبين ما في الصحيحين عن أبي هريرة "فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد تسعين" أي فُتح فتحًا نافذًا فيه والله أعلم.

قالت زينب (قلت) له صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون) بفتح النون وكسر اللام على البناء للفاعل وكان زينب رضي الله تعالى عنها فهمت من فتح القدر المذكور من الردم أن الأمر إن تمادى على ذلك اتسع الخرق بحيث يخرجون فكان عندها علم أن في خروجهم على الناس إهلاكًا عامًّا لهم فسألت عن ذلك (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم) تهلكون (إذا كثُر الخبث) بفتح الخاء والباء وفسروه بالزنا وبأولاد الزنا وبالفسوق والفجور وهو أولى لأنه قابله بالصلاح، قال ابن العربي: فيه الدلالة على أن الخير يهلك بهلاك الشرير إذا لم يغير عليه خبثه وكذلك إذا غيّر عليه لكن حيث لا يجدي ذلك ويصر الشرير على عمله السيء ويفشو ذلك ويكثر حتى يعم الفساد فيهلك حينئذ القليل والكثير نعم يُحشر كل أحد على نيته اهـ فتح الباري [١٣/ ١٠٩] وهو في معنى قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٧/ ٤٢٨]، والبخاري في مواضع منها في الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "ويل للعرب من شر قد اقترب، [٧٠٥٩] وباب يأجوج ومأجوج [٧١٣٥]، والترمذي في الفتن باب ما جاء في خروج

<<  <  ج: ص:  >  >>