رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلًا لم يقتله قوم ثم ذكر شيئًا لم أحفظه" فقال: "فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوًا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي" وقد ذكر البوصيري في زوائده على ابن ماجه أن إسناده صحيح رجاله ثقات فهذا إن كان المراد بالكنز فيه الكنز الذي في حديث الباب دل على أنه إنما يقع عند ظهور المهدي وذلك قبل نزول عيسى - عليه السلام - وقبل خروج النار جزمًا أفاده الحافظ في الفتح [١٣/ ٨١].
(يقتتل الناس عليه) أي على ذلك الذهب (فيُقتل من كل مائة تسعة وتسعون) والباقي واحد، وفي رواية أبي سلمة عند ابن ماجه رقم [٤٠٩٥](فيُقتل من كل عشرة تسعة) وفي رواية شاذة والمحفوظ ما رواه المؤلف رحمه الله تعالى وسيأتي شاهده من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه ولو صحت رواية ابن ماجه حُملت على التقريب وإلغاء الكسر في نسبة المقتولين إلى العشرة لأن نسبة تسعة وتسعين في مائة حينما تذكر بالنسبة إلى العشرة تكون تسعة وكسرًا والعرب من عادتهم إلغاء الكسر وهذا التوجيه أولى مما ذكره ابن حجر من أنه يمكن الجمع باختلاف تقسيم الناس إلى قسمين (ويقول كل رجل منهم لعلي أكون أنا الذي أنجو) فيأخذ المال، مقتضى الظاهر ينجو بصيغة الغائب، قال في المبارق: هذا من قبيل قوله: أنا الذي سمتني أمي حيدرة. فنظر إلى المبتدأ وحمل الخبر عليه ولم ينظر إلى الموصول الذي هو غائب والمعنى يقاتل كل رجل راجيًا أن يكون هو الناجي من القتل فيأخذ المال اهـ منه، وعبارة القسطلاني والأصل أن يقول أنا الذي أفوز به فعدل إلى قوله أنجو لأنه إذا نجا من القتل تفرد بالمال وملكه اهـ والمعنى يقتحم كل رجل القتال مع ما يرى من شدته لأنه يرجو أن يكون هو الناجي فيفوز بالكنز دون غيره.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الفتن باب خروج النار [٧١١٩]، وأبو داود في الملاحم باب حسر الفرات عن كنز [٤٣١٣ و ٤٣١٤]، والترمذي في صفة الجنة بدون ترجمة [٢٥٦٩ و ٢٥٧٠]، وابن ماجه في الفتن باب أشراط الساعة [٤٠٩٥].