فيقاتل المسلمون الروم (فينهزم ثلث) من جش المسلمين (لا يتوب الله عليهم) أي على أولئك المنهزمين (أبدًا) يعني أن ثلثًا من جماعة المسلمين ينهزمون أمام أهل الروم الكفار فلا يلهمون التوبة عن فرارهم من الزحف ويموتون، وفي صحيفة أعمالهم هذا الذنب، قال القرطبي: لأنهم فروا من الزحف حيث لا يجوز لهم الفرار فلا يتوب الله عليهم أي لا يلهمهم إياها ولا يعينهم عليها بل يصرون على ذنبهم ذلك ولا يندمون عليه، ويجوز أن يكون معنى ذلك أنه تعالى لا يقبل توبتهم وإن تابوا ويكونون هؤلاء ممن شاء الله تعالى أن لا تقبل توبتهم لعظيم جرمهم اهـ من المفهم، وقال علي القاري في المرقاة [١/ ١٤٧] وهذا كناية عن موتهم على الكفر وتعذيبهم على التأبيد (ويُقتل ثلثهم) أي ثلث المسلمين هم (أفضل الشهداء عند الله) يوم القيامة (ويفتح) أي يغلب (الثلث) الباقي من المسلمين الكفار حالة كون أولئك الثلث (لا يفتنون) في دينهم (أبدًا) بالبناء للمفعول يعني أنهم لا يقعون في فتنة الكفر أبدا وتحسن عاقبتهم والله أعلم، وقيل لا تقع بينهم فتنة الاختلاف وغيره اهـ دهني (فيفتتحون) أي يفتح هذا الثلث الباقي مدينة (قسطنطينية) بضم القاف وسكون السين وضم الطاء الأولى وكسر الثانية بعدها ياء ساكنة ثم بعدها نون هذا هو المشهور في ضبطها، وضبطها بعضهم بزيادة ياء مشددة بعد النون وهي مدينة عظيمة من أعظم بلاد الروم ولعل المراد من الروم النصارى لأن أهل الروم كانوا يومئذ نصارى، قال ابن ملك: قيل في بعض النسخ (فيفتحون) بتاء واحدة وهو الأصوب لأن الافتتاح أكثر ما يُستعمل بمعنى الاستفتاح فلا يقع موقع الفتح اهـ دهني (فبينما هم) أي المسلمون (يقتسمون الغنائم) أي غنائم القسطنطينية، والحال أنهم (قد علقوا سيوفهم بالزيتون) أي بشجره (إذ صاح) ونادى (فيهم) أي في المسلمين (الشيطان) بقوله (أن المسيح قد خلفكم في أهليكم) أي في دياركم والمراد بالمسيح الدجال سُمي بذلك لأن عينه اليسرى ممسوحة اهـ مبارق، قال القرطبي: كذا الرواية الجيدة (خلفكم) مخففة اللام بغير ألف أي خلفكم بشر يقال خلفك الرجل في أهلك بخير أو بشر، وقد تقدم قوله