(يا عباد الله فاثبتوا) على دينكم دين الإسلام ولا تؤمنوا به وهذا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر من لقي الدجال أن يثبت ويصبر فإن لبثه في الأرض قليل على ما يأتي، وأما من سمع به ولم يلقه فليبعد عنه وليفر منه بنفسه كما أخرجه أبو داود من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - "قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سمع الدجال فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات أو لما يبعث به من الشبهات" رواه أبو داود [٤٣١٩] قال النواس بن سمعان (قلنا) معاشر الحاضرين (يا رسول الله وما لبثه) أي وما قدر لبثه ومكثه (في الأرض قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدر لبثه في الأرض ومدته (أربعون يومًا يوم) أول منها طوله (كـ) طول (سنة ويوم) ثان منها طوله (كـ) طول (شهر ويوم) ثالث منها طوله (كـ) طول (جمعة) وأسبوع (وسائر أيامه كأيامكم) أي باقي أيامه أي قدرها كقدر أيامكم اثنتي عشرة ساعة، قال القرطبي: ظاهر هذا الكلام أن الله تعالى يخرق العادة في تلك الأيام فيبطئ بالشمس عن حركتها المعتادة في أول يوم من تلك الأيام حتى يكون أول يوم كمقدار سنة معتادة ويبطئ بالشمس في الثاني حتى يكون كمقدار شهر ويبطئ الشمس في الثالث حتى يكون كمقدار جمعة وهذا ممكن لا سيما وذلك الزمان تنخرق فيه العوائد كثيرًا لا سيما على يدي الدجال، وقد تأوله أبو الحسين بن المنادي على ما حكاه أبو الفرج الجوزي فقال: المعنى يهجم عليكم غم عظيم لشدة النبلاء وأيام النبلاء طوال، ثم يتناقص ذلك الغم في اليوم الثاني، ثم يتناقص في الثالث ثم يعتاد البلاء كما يقول الرجل اليوم عندي سنة كما قال: وليل المحب بلا آخر. قال أبو الفرج يرده قولهم "أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: لا، اقدروا له قدره" والمعنى قدروا الأوقات للصلاة غير أن أبا الحسين بن المنادي قد طعن في صحة هذه اللفظات أعني قولهم "أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره" قال: فهذا عندنا من الدسائس التي كادنا بها ذوو الخلاف علينا قديمًا ولو كان ذلك صحيحًا لاشتهر على ألسنة الرواة كحديث الدجال فإنه قد رواه ابن عباس وابن عمر وجابر بن عبد الله وحذيفة وعبادة بن الصامت وأُبي بن كعب وسمرة بن جندب وأبو هريرة وأبو الدرداء وأبو مسعود البدري وأنس بن مالك وعمران بن