له حدثنا يعقوب) بن عبد الرحمن القاري (عن أبي حازم أنه سمع سهلًا) بن سعد رضي الله عنه (يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم) وهذا السند من رباعياته، حالة كونه (يشير بأصبعه) الشريفة (التي تلي الإبهام) وهي المسبحة (والوسطى) معطوف على إصبعه أي يشير بالمسبحة وبالوسطى (وهو يقول) بلسانه (بُعثت) إلى الخلق كافة (أنا والساعة) متقاربان (هكذا) أي تقاربا مثل تقارب هاتين الإصبعين يعني ليس بيني وبين الساعة فصل كبير كما أنه لا فصل بين هاتين الإصبعين، وهو كناية عن قرب القيامة، وإن فصل ألف سنة أو ألفين أو أكثر كلا فصل بالنسبة إلى مدة الدنيا كلها، قال النووي: قيل المراد بينهما شيء يسير كما أنه بين الإصبعين شيء يسير في الطول والقصر، وقيل هو إشارة إلى قرب المجاورة اهـ.
قال القرطبي: قوله (بُعثت أنا والساعة هكذا) رويته بضم الساعة عطفًا على ضمير الفاعل بعد تأكيده بالضمير المنفصل، وهكذا جار ومجرور حال من الفاعل وما عطف عليه تقديره حالة كوننا مقترنين، ورويته بنصب الساعة على أنه مفعول معه والعامل فيه بُعثت والتقدير بُعثت أنا مع الساعة متصلين هكذا فعلى النصب يقع التشبيه بالضم، وعلى الرفع يحتمل هذا ويحتمل أن يقع بالتفاوت الذي بين السبابة والوسطى فتأمله. ويدل عليه قول قتادة في بعض روايات حديث أنس "كفضل إحداهما على الأخرى" وحاصله تقريب أمر الساعة التي هي القيامة وسرعة مجيئها، وهذا كما قال تعالى:{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}[محمد: ١٨]، قال الحسن: أول أشراطها محمد صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم.
قال القاضي: وقد حاول بعض الناس أن يجعل نسبة ما بينهما كنسبة ما بقي من عمر الدنيا مما مضى في أخبار لا تصح لكن أبو داود ذكر تأخير هذه الأمة بنصف يوم وفسره بخمسمائة عام فيأتي من حساب أيام الدنيا نصف سبع وهو قريب مما بين الإصبعين المذكورين اهـ من الأبي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في الرقاق باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "بُعثت أنا والساعة كهاتين"[٦٥٠٣]، وأحمد [٥/ ٣٣٠]، والبغوي [١٥/ ٩٨].