قَال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ: "الدُّنْيَا سِجنُ المُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ".
٧٢٤٢ - (٢٩٣٦)(١٠٣) حدَّثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ
ــ
خماسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) قال النووي رحمه الله تعالى: أن كل مؤمن مسجون ممنوع في الدنيا من الشهوات المحرمة والمكروهة مكلف بفعل الطاعات الشاقة فإذا مات استراح من هذه وانقلب إلى ما أعد الله تعالى له من النعيم الدائم والراحة من المنغصات وأما الكافر فإنما له من ذلك ما حصل في الدنيا مع قلته وتكدره بالمنغصات فإذا مات صار إلى العذاب الدائم والشقاء المؤبد اهـ نووي.
قال القرطبي: وإنما كانت الدنيا كذلك لأن المؤمن فيها مقيد بقيود التكاليف فلا يقدر على حركة ولا سكون إلا أن يفسح له الشرع فيفك قيده ويمكنه من الفعل أو الترك مع ما هو فيه من توالي أنواع البلايا والمحن والمكابدات من الهموم والغموم والأسقام والآلام ومكابدة الأنداد والأضداد والعيال والأولاد وعلى الجملة "وأشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل بحسب دينه" رواه الحاكم [٣/ ٣٤٣] كما قاله صلى الله عليه وسلم: "وأي سجن أعظم من هذا" ثم هو في هذا السجن على غاية الخوف والوجل إذ لا يدري بماذا يُختم له من عمل؟ كيف وهو يتوقع أمرًا لا شيء أعظم منه ويخاف هلاكًا لا هلاك فوقه فلولا أن يرتجي الخلاص من هذا السجن لهلك مكانه لكنه لطف به فهون عليه ذلك كله بما وُعد على صبره وبما كشف له من حميد عاقبة أمره. والكافر منفك عن تلك القيود الحاصلة بالتكاليف آمن من تلك المخاويف مقبل على لذاته منهمك في شهواته معتز بمساعدة الأيام يأكل ويستمتع كما تأكل الأنعام وعن قريب يستيقظ من هذه الأحكام ويحصل في السجن الذي لا يرام فنسأل الله السلامة من أهوال يوم القيامة اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في الزهد [٢٣٢٤]، وابن ماجه في الزهد باب مثل الدنيا [٤١٦٥].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو كون الدنيا أهون على الله تعالى بحديث جابر رضي الله عنه فقال
٧٢٤٢ - (٢٩٣٦)(١٠٣)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) التميمي الحارثي