وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأدب باب ما يكره من التمادح [٤٨٠٤]، والترمذي في الزهد باب ما جاء في كراهية المدحة والمدّاحين [٢٣٩٣]، وابن ماجه في الأدب باب المدح [٣٧٨٧]، وأحمد [٦/ ٥]، والبغوي في شرح السنة [١٣/ ١٥٠].
قال الخطابي: المدّاحون هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة وجعلوه بضاعة يستأكلون به الممدوح فأما من مدح الرجل على الفعل الحسن والأمر المحمود يكون منه ترغيبًا له في أمثاله وتحريضًا للناس على الاقتداء به في أشباهه فليس بمدّاح، وقد استعمل المقداد الحديث على ظاهره في تناول عين التراب وحثيه في وجه المدّاح، وقد يتأول أيضًا على وجه آخر وهو أن يكون معناه الخيبة والحرمان أي من تعرض لكم بالثناء والمدح فلا تعطوه وأحرموه، كنى بالتراب عن الحرمان كقولهم ما في يده غير التراب وكقوله - صلى الله عليه وسلم - "إذا جاءك يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابًا" أخرجه أبو داود في البيوع باب في أثمان الكلب [٣٤٨٢]، وأحمد [١/ ٣٧٨] أنقله البغوي في شرح السنة [١٣/ ١٥١] ثم قال: وفي الجملة المدح والثناء على الرجل مكروه لأنه قلما يسلم المادح عن كذب بقوله في مدحه، وقلما يسلم الممدوح من عجب يدخله، ورُوي أن رجلًا أثنى على رجل عند عمر فقال عمر: عقرت الرجل عقرك الله.
والحاصل أن المدح بغرض تشجيع الممدوح على أفعال الخير جائز كما ذكره الخطابي لأن ذلك ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمناسبات كثيرة والمدح المكروه هو ما خيف فيه أن يُفتتن الممدوح بالعُجب أو ما قصد به التملق وأكل الأموال بالباطل وبما أن الفرق بينهما دقيق ربما لا يدركه المرء فالأحوط ما ذكره البغوي رحمه الله تعالى من الاجتناب عنه في كل موضع مشتبه والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث المقداد - رضي الله عنه - فقال:
٧٣٢٩ - (٠٠)(٠٠)(وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عثاب الكوفي، ثقة، من (٥) روى عنه في (٢١) بابا (عن إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي (عن همام بن الحارث) بن قيس بن عمرو النخعي الكوفي، ثقة، من (٢)