(قلت) ولا يبعد أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهاهم عن كتب غير القرآن لئلا يتكلوا على كتابة الأحاديث ولا يحفظوها فقد يضيع المكتوب فلا يوجد في وقت الحاجة ولذلك قال مالك: ما كتبت في هذه الألواح قط، قال: وقلت لابن شهاب: أكنت تكتب الحديث؟ قال: لا اهـ من المفهم. وهذا النهي ظاهر في البيئة التي نزل فيها القرآن الكريم حيث لم يكن مكتوبًا بصورة كتاب مدون، وإنما كان يكتب على العظام وجريد النخل والحجارة ونحوها فلو كتبت الأحاديث معها لوقع التباس القرآن بغيره فنهى عن ذلك في أول الأمر حيث يُخشى الالتباس، أما في حالة الأمن منه فقد أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتابة بنفسه لعدة من الصحابة مثل علي وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة ورافع بن خديج وأبي شاه وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم وقد كُتبت أحاديث كثيرة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت في روايات كثيرة تجدها مجموعة في كتاب تقييد العلم للخطيب رحمه الله تعالى.
(وحدّثوا عني) الحديث لغيركم (ولا حرج) ولا ذنب ولا لوم عليكم في نقل الحديث عني (ومن كذب عليّ) أي ومن نسب إليّ قولًا لم أقله ولا فعلًا لم أفعله (قال همام) بالسند السابق (أحسبه) أي أحسب زيد بن أسلم (قال) عند روايته لنا لفظة (متعمدًا) أي كذب عليّ متعمدًا (فليتبوأ) أي فليتخذ (مقعده) أي مقره ومنزله (من النار) أي من نار جهنم مخلدًا فيها إن استحل الكذب عليه - صلى الله عليه وسلم - لأنه كفر بذلك أو غير مخلد بقدر كذبه إن لم يستحل كما بسطنا الكلام عليه في أول الكتاب.
وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات لكنه شاركه أحمد في مسنده [١/ ٩٨]، والدارمي في سننه في العلم [٤٥٦]، والحاكم في المستدرك [١/ ١٢٧]، وابن حبان في صحيحه [١/ ١٤٢]، والبغوي [١/ ٢٩٤].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء التاسع من الترجمة وهو قصة أصحاب الأخدود بحديث صهيب بن سنان - رضي الله عنه - فقال:
٧٣٣٤ - (٢٩٩٢)(١٥٢)(حدثنا هداب بن خالد) بن الأسود بن هدبة الأزدي