للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَدْ شَرَحْنَا مِنْ مَذْهَبِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِهِ بَعْضَ مَا يَتَوَجَّهُ بِهِ مَنْ أَرَادَ سَبيلَ الْقَوْمِ وَوُفِّقَ لَهَا، وَسَنَزِيدُ -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالى- شَرْحًا وَإِيضَاحًا فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْكِتَابِ عِنْدَ ذِكْرِ الأَخْبَارِ الْمُعَلَّلَةِ إِذَا أَتَينَا عَلَيهَا

ــ

وقولُه: (قد شَرَحْنا) وبَيَّنَّا وأَوْضَحْنا .. كلامٌ مستأنف، وفي بعض النسخ: (وقد شرحنا) بواو الاستئناف (مِنْ مَذْهَبِ الحديثِ) وأقسامهِ وأنواعهِ (و) من مذهبِـ (أهلِهِ) ورُوَاتِه؛ أي: من أقسامهم وطبقاتهم، يعني الأقسامَ الثلاثةَ من أقسامِ الحديث، وأقسامِ الرواة.

والجارُّ والمجرورُ بيان مقدَّم لمفعول (شَرَحْنا)، وهو قولُه: (بعضَ ما يَتَوَجَّهُ به) (١)، أي: قد شَرَحْنَا بعضَ تقسيماتٍ يَتَوَجَّه ويَقْصِدُ ويُقْبِلُ بسبب معرفتها إِلى سبيلِ القوم ومذهبهم، و (مَنْ) في قوله: (مَنْ أرادَ سبيلَ القومِ) فاعلُ (يَتَوَجَّه)، و (سبيلَ القوَم) بالنصب، تَنَازَعَ فيه الفعلان قبله، والمعنى: وقد شَرَحْنا وبَيَّنَّا فيما تَقَدَّمَ لكَ بعضَ تقسيماتٍ يَتَوَجَّه ويُقْبِلُ بسبب معرفتها إِلى سبيل القوم المصطلحين وقاعدتهم مَنْ أراد وقَصَدَ معرفةَ سبيلِهم وإِتقانَ قاعدتِهم.

وقولُه: (ووُفِّقَ لها) معطوفٌ على (أرادَ) أي: ورُزِقَ من الله سبحانه وتعالى التوفيقَ لسبيِلهم وطريقتِهم، وهو خَلْقُ قُدْرَةِ الطاعة في العبد وتسهيلُ سبيل الخير له؛ أي: أرادَ سبيلَ القوم مع التوفيق من الله تعالى، ومرادُه بالبعض الذي بَيَّنَه ما ذَكَرَه سابقًا، فنقسمها ثلاثةَ أقسامٍ، وثلاثَ طبقاتٍ من الناس إِلى هنا.

(وسنزيدُ) نحن على ما تَقَدَّمَ (إِنْ شاءَ اللهُ) سبحانه و (تَعَالى) زيادَتَنا إِيَّاهُ (شَرْحًا) أي: بيانًا لسبيل القوم (وإيضاحًا) لقاعدتِهم.

وقولُه: (في مواضعَ) متعلِّقٌ بـ (سَنَزِيدُ)، (من الكتاب عندَ ذِكْرِ الأخبارِ المُعَلَّلَةِ) أي: نزيدُ شرحًا وبيانًا عند ذِكْرِ الأحاديث التي وُجِدَتْ فيها عِلَّةٌ (إذا أَتَينا) وأَقْبَلْنا ومَرَرْنا (عليها) أي: على ذِكْرِ الأخبارِ المُعَلَّلةِ لغرضِ الإتْباعِ والاستشهاد.


(١) قال القاضي عياض: (وقوله: "بعض ما يَتَوَجَّهُ به من أراد سبيلَ القوم" أي: يَقْصِدُ طريقَهم ويسلكُ مذهبَهم، قال الله تعالى: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ}، وقال: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} أي: قَصْدَكَ). "إِكمال المعلم" (١/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>