للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ عَرَفَ التَّمْيِيزَ بَينَ صحِيحِ الرِّوَايَاتِ وَسَقِيمِهَا وَثِقَاتِ النَّاقِلِينَ لَهَا مِنَ الْمُتَّهَمِينَ: أَنْ لَا يَرْويَ مِنْهَا إِلَّا مَا عَرَفَ صِحَّةَ مَخَارِجِهِ وَالسِّتَارَةَ فِي نَاقِلِيهِ،

ــ

(أَنَّ الواجبَ) المتعيِّنَ الذي لا يجوزُ العُدُولُ عنه (على كُلِّ أَحَدٍ) من الرُّواةِ (عَرَفَ التمييزَ) وقَدَرَ على التفصيل (بينَ صحيحِ الرِّواياتِ) وسليمِها من العُيُوبِ بقُوَّةِ الإِتقان والضَّبْطِ في رُوَاتِها (و) بينَ (سَقِيمِها) أي: سقيمِ الرواياتِ وضعيفِها بعدم الإِتقان والضَّبْطِ في رُواتها وهذا بالنظرِ إِلى المُتُونِ.

وقولُه: (وثِقَاتِ الناقلين) إِمّا معطوفٌ على (التمييزَ) منصوبٌ بالكسرة؛ أي: وعَرَفَ الثِّقاتِ الناقلين، وهو من إِضافة الموصوف إِلى الصفة كمسجدِ الجامع (لها) أي: لتلك الروايات (من المُتَّهَمِينَ) بالكذب والوضع، أو معطوفٌ على مدخولِ (بينَ) أي: عَرَفَ التمييزَ بين الثقات الناقلين لها والمُتَّهَمِين فيها، وهذا بالنظر إِلى الأسانيد.

وقولُه: (أنْ لا يَرْويَ) خبرُ أَنَّ؛ أي: أَنَّ الواجبَ عليه أنْ لا يَرْويَ ولا يَنْقُلَ (منها) أي: من تلك الروايات (إلَّا ما عَرَفَ) أي: إلا حديثًا عَرَفَ (صِحَّةَ مَخَارِجِهِ) أي: صِحَّةَ رواياتهِ؛ لعدم الاضطراب والاختلاط فيها، وهذا بالنظر إِلى المتون.

و(المخارج): جمع مَخْرَج، يُقال: خَرَجَ -من باب دَخلَ- خُرُوجًا ضدُّ دَخَلَ، ومَخْرَجًا أيضًا، وقد يكون المَخْرَج موضع الخُرُوج، يُقال: خَرَجَ مَخْرجًا حَسَنًا وهذا مَخْرَجُه، والمُخْرَج بضم الميم وفتح الراء يكون مصدرَ أَخْرَجَ الرباعي، واسمَ مفعولٍ، واسمَ مكانٍ، واسمَ زمانٍ. اهـ "مختار"، والمرادُ هنا المصدر.

(و) عَرَفَ (السِّتَارَةَ) أي: الصِّيَانَةَ والعِفَّة عن الرذائل والعيوب (في نَاقِلِيهِ) ورُوَاتِه وهذا بالنظر إِلى الأسانيد.

قال النووي: (السِّتارة بكسر السين: وهي ما يُسْتَرُ به، وكذلك السُّتْرة، وهي هنا إِشارةٌ إِلى الصِّيانة) (١) كما أَشَرْنا إِليه في الحلّ.


(١) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>