للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] شَقَّ ذلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: أَيُّنَا لا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لَيسَ هُوَ كَمَا تَظُنُّونَ. إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَال لُقْمَانُ لابْنِهِ: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]

ــ

على (٦٤) وانفرد (خ) بـ (٢١) و (م) بـ (٣٥) وهذا السند من سداسياته، رجاله كلهم كوفيون، قال النواوي: هذا إسنادٌ رجاله كوفيون كلهم، وحفاظ متقنون في نهاية الجلالة، وفيهم ثلاثة أئمة أجلة فقهاء تابعيون، روى بعضهم عن بعض، سليمان الأعمش وإبراهيم النخعي، وعلقمة بن قيس، وقل اجتماع مثل هذا الذي اجتمع في هذا الإسناد والله أعلم اهـ.

(قال) عبد الله بن مسعود (لما نزلت) هذه الآية قوله تعالى: ({الَّذِينَ آمَنُوا}) بالله ورسوله ({وَلَمْ يَلْبِسُوا}) أي لم يخلطوا ({إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}) أي بشرك، سورة الأنعام، الآية (٨٢) تمامها {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (شق) جوابٌ لما أي ثقل (ذلك) الذي نزل في هذه الآية (على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا) أي أيٌّ منا إلا يظلم نفسه) بتفويت حظوظها الأخروية، والتقصير فيها، ولا يوجد منا أحد لم يذنب، فالأمن والاهتداء المذكور في آخر الآية، لا يوجد لنا لأنهم حملوا الظلم على عمومه، والمتبادر إلى الأفهام منه، وهو وضع الشيء في غير موضعه، وهو مخالفة الشرع بارتكاب المعاصي ولو صغيرة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لهم (ليس هو) أي الظلم المذكور في هذه الآية (كما تظنون) أي على ما تظنونه من عمومه لكل مخالفة ومعصية (إنما هو) أي الظلم المذكور في هذه الآية (كما قال لقمان) أي مثل الظلم الذي قال لقمان الحكيم في شأنه (لابنه) وهو يعظه فيما حكاه الله سبحانه وتعالى عنه بقوله ({يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ}) تعالى قلبًا وقالبًا غيره ({إِنَّ الشِّرْكَ}) بالله تعالى ({لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}) أي لظلم أكبر وأعظم لا ظلم أعظم منه لأن المشرك جعل الإلهية لغير الله تعالى، قوله (ولم يلبسوا) أي لم يخلطوا، يقال: لبست الأمر بغيره بفتح الباء في الماضي وكسرها في المضارع لبسًا إذا خلطته، ولبست الثوب بكسر الباء في الماضي وفتحها في المستقبل لبسًا ولباسًا (والظلم) في اللغة وضع الشيء في غير محله تقول ظلمت الأرض والطريق والسقاء، إذا حفرت في غير محل الحفر كالموضع الصلب، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>