على أنَّه فاعل حدثت، يريدون بغير اختيار، قاله الطحاوي، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه وقال القرطبي: يعني إن الذي لا يؤاخذ به هي الأحاديث الطارئة التي لا ثبات لها ولا استقرار في النفس، ولا ركون إليها، وهذا نحو مما قاله القاضي أبو بكر في قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه:"إذا همَّ عبدي بحسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل، فإذا عملها فأنا أكتبها له عشرًا، وإذا همَّ بسيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها، فإذا عملها فأنا أكتبها له سيئة واحدة" قال القاضي: إن الهم ها هنا ما يمر بالفكر من غير استقرار ولا توطين، فلو استمر ووطن نفسه عليه لكان ذلك هو العزم المؤاخذ به أو المثاب عليه، وهذا الذي صار إليه القاضي هو الذي عليه عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين، ولا يلتفت إلى قول من خالفهم في ذلك، فزعم أن ما يهم به الإنسان وإن وطن نفسه عليه لا يؤاخذ به متمسكًا في ذلك بقوله تعالى:{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا}[يوسف: ٢٤] وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لم يعمل أو يتكلم به" ومن لم يعمل بما عزم عليه ولا نطق به فلا يؤاخذ به، وهو متجاوز عنه، والجواب عن الآية: أن من الهم ما يؤاخذ به، وهو ما استقر واستوطن، ومنه ما يكون أحاديث لا تستقر فلا يؤاخذ بها كما شهد به الحديث، وما في الآية من القسم الثاني لا من الأول اهـ مفهم بتصرف.
وهذا الحديث أعني حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه شارك المؤلف في روايته أحمد (٢/ ٣٩٣ و ٤٣٥ و ٤٧٤ و ٤٨١) والبخاري (٢٥٢٨) وأبو داود (٢٢٠٩) والترمذي (١١٨٣) والنسائيُّ (٦/ ١٥٦ - ١٥٧) وابن ماجه (٢٠٤٠).
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(٢٣٥) - متا (. . .)(. . .)(حدثنا عمرو) بن محمَّد بن بكير بن شابور بمعجمة (الناقد) أبو عثمان البغدادي، ثقة حافظ، وَهِمَ في حديث، من العاشرة مات سنة (٢٣٢) اثنتين وثلاثين ومائتين روى عنه المؤلف في عشرة أبواب (و) حدثنا أيضًا (زهير بن حرب) بن شداد الحرشي بمهملتين مفتوحتين بعدهما معجمة، أبو خيثمة النسائي، نزيل بغداد، ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة (٢٣٤) روى عنه المؤلف في عشرين بابًا تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه.