للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَعَمْ. قَال: "ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ"

ــ

الناس (نعم) نجده في قلوبنا (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ذاك) أي استعظامكم تكلم تلك الوسوسة، وكراهة إظهارها هو (صريح الإيمان) أي محض الإيمان، وصريحه وخالصه، كما في النواوي وعلى هذا يؤول قوله: تلك محض الإيمان، فيقال: أي مخافة العقوبة من الوسوسة محض الإيمان وخالصه، والوسوسة على ما ذكره ابن الأثير: هي حديث النفس والأفكار.

وعبارة السنوسي هنا: قوله (ما يتعاظم أحدنا) إلخ، أي يجد أحدنا التكلم به عظيمًا لاستحالته في حقه تعالى، كمن خلق الله تعالى؟ المذكور في الحديث الآتي، وكيف هو؟ ومن أي شيء هو؟ وغير ذلك مما يستلزم الاعتراف بوجود الصانع، واستقباحهم ذلك لعلمهم أنَّه سبحانه وتعالى لا يليق به شيء من ذلك، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير اهـ.

وعبارة المفهم هنا: قوله (وقد وجدتموه) كذا صحت الرواية، وقد بالواو، ومعنى الكلام الاستفهام على جهة الإنكار والتعجب، فيحتمل أن تكون همزة الاستفهام محذوفة، والواو للعطف، والتقدير أقد وسوستم ووجدتموه، أو أحصل وقد وجدتموه، ويحتمل أن تكون الواو عوضًا عن الهمزة، كما قرأ قنبل عن ابن كثير قوله تعالى: {قَال فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ} [الأعراف: ١٢٣] أي أآمنتم قال أبو عمرو الداني: هي عوض عن همزة الاستفهام، وهذه الواو المذكورة مثلها، والضمير في وجدتموه عائد على التعاظم الذي دل عليه يتعاظم، وقال المازري: الضمير عائد على خوف العقوبة المفهوم من السياق، أي وجدتم خوفَ العقوبة على ذلك، خوفُ العقوبة عليه محضُ الإيمان، و (الصريح والمحض) الخالص الصافي، وأصله في اللبن، ومعنى هذا الحديث: أن هذه الإلقاءات والوساوس التي تُلقيها الشياطين في صدور المؤمنين، تنفر منها قلوبهم، ويعظم عليهم وقوعها عندهم، وذلك دليل على صحة إيمانهم ويقينهم ومعرفتهم بأنها باطلة، ومن إلقاءات الشياطين، ولولا ذلك لركنوا إليها، ولقبلوها ولم تعظم عندهم، ولا سموها وسوسة، ولما كان ذلك التعاظم، وتلك النفرة عن ذلك الإيمان، عبَّر عن ذلك بأنه خالص الإيمان ومحضه، وذلك من باب تسمية الشيء باسم مجاوره، أو باسم ما كان سببًا منه؛ لأنَّ محض الإيمان سبب الوسوسة اهـ

وقال النووي: معنى هذا الحديث: أن استعظام هذا، وشدة الخوف منه، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>