للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيرِ حَقِّهِ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيهِ غَضْبَانُ" قَال عَبْدُ اللهِ: ثُمَّ قَرَأَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: ٧٧] إِلَى آخِرِ الآيَةِ

ــ

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم) حالة كونه (يقول من حلف) إلخ. وهذا السند من خماسياته، رجاله كلهم كوفيون إلا ابن أبي عمر فإنه مكي، ومن لطائفه: أن فيه رواية تابعي عن تابعي هما عبد الملك عن شقيق، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين لسليمان الأعمش في رواية هذا الحديث عن أبي وائل، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، وبيان تصريح سماعهما عن أبي وائل بخلاف الأعمش مع أنه مدلس، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية السابقة في بعض الكلمات، أي من حلف وأقسم باسم الله تعالى أو بصفته (على) أخذ (مال) واختصاص (امرئ) وامرأة (مسلم) أو كافر معصوم (بغير حقه) أي بغير استحقاقه (لقي الله) سبحانه وتعالى يوم مات (وهو) سبحانه وتعالى (عليه غضبان) أي ساخط سخطًا يبعده عن رحمته (قال عبد الله) بن مسعود (ثم) بعد هذا الحديث (قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه) أي مصداق قوله وشاهده (من كتاب الله) سبحانه وتعالى، أي من القرآن، والمصداق بوزن مفعال صيغة مبالغة، أي كثير الصدق، بمعنى التصديق كالمطواف والمطلاق كثير الطواف والطلاق، وفي القاموس: ومصداق الشيء ما يصدقه، وذلك المصداق والشاهد هو قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية) إلى آخر الآية)، يعني آخر آية سبع وسبعين من سورة آل عمران، وتمامها {أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

قال القرطبي: عهد الله هو ميثاقه، وهو إيجابه على المكلفين أن يقوموا بالحق، ويعملوا بالعدل، والأيمان: جمع يمين وهو الحلف بالله تعالى (ويشترون) أي يعتاضون، فكأنهم يُعطون ما أوجب الله عليهم من رعاية العهود والأيمان في شيء قليل حقير من عرض الدنيا و (الخلاق) الحَظُّ والنصيب (ولا يكلمهم) أي بما يسرهم إذ لا يكلمهم إعراضًا عنهم واحتقارًا لهم (ولا ينظر إليهم) نظر رحمة (ولا يزكيهم) أي لا يثني عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>